توقع أكاديمي سعودي أن تشهد الفترة المقبلة زلزالاً في منطقة جبال «زاغروس» في إيران، وذلك بعد الزلزال الذي شهدته جبال «الهندوكوش» بين باكستان وأفغانستان. ولم يستبعد أن يتأثر الخليج العربي بهذه الزلازل، خصوصاً أن المنطقة تحوي مفاعلاً نووياً (بوشهر الإيراني)، مطالباً بإنشاء إدارة للتعامل مع الكوارث «مستقلة» عن الدفاع المدني. وعزا رئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض المشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العمري، في حديثه مع «الحياة» وقوع هذه الزلازل، إلى أن هناك «ثلاث صفائح أرضية تلتقي هي الهندية واليوارسية والعربية، وما شهدته جبال الهندوكوش بين باكستان وأفغانستان إنما هو حركة الصفيحتين الهندية واليوراسية، وسيكون تحرك الصفائح بحسب الدراسات خلال الفترة المقبلة بين الصفيحتين العربية واليوراسية، والتي ستحدث زلزالاً في منطقة جبال زاغروس الإيرانية». وعن مخاطر الزلازل في منطقة تحوي مفاعلاً نووياً (بوشهر الايراني)، أوضح العمري أن «المدينة نفسها شهدت ثلاثة زلازل قبل إنشاء المفاعل، كان آخرها في العام 1968 بقوة 6.5 درجة على مقياس ريختر، وهذا خطر يهدد أمن المنطقة في حال لم يصمد المفاعل في وجه الزلازل التي ستشهدها المنطقة»، مؤكداً أن «قوة الزلزال التي وقعت بين باكستان وأفغانستان، التي بلغت 7.5 درجة لن يتحملها المفاعل الإيراني في حال وقوع الزلزال في جبال زاغروس الإيرانية، نتيجةً تصميمه المحدد على سبع درجات على مقياس ريختر، وفي حال سجلت جبال زاغروس زلزالاً تتفاوت قوته بين 8 و 7.5 درجة على مقياس ريختر؛ فإن ذلك سيسبب كارثة كالتي وقعت في «تشارنوبل» نتيجة الانفجار النووي». وأوضح رئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض أن «كثافة الصفيحة الهندية عالية، فتنزلق تحت الصفيحة اليوراسية بمعدل سرعة قدره 50 ملم في العام الواحد. كما تنزلق الصفيحة العربية تحت اليوراسية بمعدل 60 ملم في العام الواحد، وجميع تلك الانزلاقات تؤدي إلى ارتفاع الصفيحة اليوراسية»، مشيراً إلى أن تصادم الصفائح القارية، وإن كان بطيئاً، إلا أنه عنيف وقت حدوثه. وعن معدل الزلازل في المنطقة أوضح العمري، أنه بحسب الدراسات الإحصائية للزلازل؛ فإنه من العام 1900 وحتى 2000، كانت المنطقة تشهد زلزالاً كل خمسة أعوام، بقوة تراوح بين 7.7 و 5.7 درجة على مقياس ريختر، في حين شهدت منذ بداية العام 2000 وحتى العام الماضي، معدل زلزال واحد بقوة تراوح بين 5.3 و 7.7 درجة على مقياس ريختر. واعتبر وقوع الزلازل من «الغيبيات»، التي لا يمكن التنبؤ بأسباب وقوعها بهذا التتابع والسرعة أو حتى تحديد المدة الزمنية بدقة لفترة وقوعها. لكنه أشار إلى عوامل وصفها ب«المحفزة»، في تغيير طبيعة الأرض من خلال النشاطات البشرية العنيفة والتجارب النووية، والعسكرية غير المعلنة، وحفر الأنفاق والسدود وغير ذلك، ما ينجم عنه تشقاقات أرضية تمتلئ بعضها بالمياه، في حين تظل أخرى خاوية، ما يجعلها جاذبة ومهيئة لأي زلزال قد يقع. وجدد العمري مطالبته بتطبيق «كود البناء» الذي استغرقت فترة إعداده جهود خمسة أعوام وجٌمعت عناصره في 10 مجلدات، لم يٌفرض تطبيقه على المباني والمنشآت، سواء الخاصة أم حتى الحكومية. وأشار إلى أن كلفة تطبيق الكود لن تتجاوز ثلاثة في المئة من قيمة المبنى الأساسية. وعن تطبيق الكود في المباني القائمة والمنشآت الحساسة، مثل المدارس والمستشفيات وغيرها، أوضح أن ذلك ممكن من خلال تدعيمها لمقاومة وامتصاص الهزات الناتجة عن الزلازل. وأكد أن استحداث إدارة مستقلة لإدارة الكوارث تابعة لمجلس الوزارء أحد الحلول الممكنة لجهة تفرض تطبيق «الكود الوطني» على المباني والمنشآت في المملكة، مشيراً إلى وجود فجوة بين الجهات المعنية، فإدارة الكوارث التابعة للدفاع المدني مثلاً تطالب بأن تكون «إدارة الكوارث» تحت مظلتها، على رغم نقص الخبرات العلمية لديهم، إذ يتركز دورهم في التعامل مع الطوارئ وعمليات الإخلاء والإيواء. في حين يكمن دور الجمعية في تحديد الزلازل ومواقعها ودرجة خطورتها. مفاعل «بوشهر»: 4 عقود من التعثر لم تشفع العقود الأربعة التي مرّت على إطلاق محطة بوشهر النووية (جنوب غربي إيران) لأن ترى النور بطريقة صحيحة، أو حتى تحتفظ ب«سلمية أهدافها»، بعيداً عن «الشبهات» التي تحوم حولها. فالمحطة المعدة، بحسب مسؤولين إيرانيين لتوليد الكهرباء، وقعت وفق تقارير لمنظمات دولية في دائرة «السمعة السيئة»، إذ يعود تاريخها إلى سبعينات القرن الماضي (فترة حكم الشاه)، عندما بدأت شركتان ألمانيتان بناء المفاعل، إلا أن الثورة الإيرانية 1979 أوقفت العمل في المفاعل مدة تصل إلى 15 عاماً. وبعد فترة التوقف الطويلة نسبياً، التي كانت شاهدة على أحداث جسام، أبرزها التحول في نظام الحكم من الملكية إلى الجمهورية، ونشوب الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، قدّم الروس أنفسهم إلى الإيرانيين على أنهم أصحاب «سفينة نوح»، التي ستعصم المفاعل من الإغلاق. ورضخت طهران لمداعبات موسكو، ووافقت على استكمال بناء المفاعل مجدداً، في محاولة لانتشاله من عثرته وفق خطة مزعومة حُدّدت بأربعة أعوام. إلا أن التعثر كان حليفها مرة أخرى، ولم تر المحطة النور بشكل علني إلا في أيلول (سبتمبر) 2011. حلم إيران لم يكتمل، والمحطة أو المفاعل لا يزال قابعاً في المحافظة التي سُمّي باسمها جنوبإيران، خصوصاً وأن الافتتاح الرسمي للمفاعل الذي وصفه خبراء بأنه «متهالك»، جرّاء توقف العمل فيه أعوام عدة، كان في أوج حملات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت الإيرانية في الألفية الحالية. وهنا تستدعي الذاكرة برعب أحداث «انفجار تشرنوبل» 1986 وانتقال مواده ومكوناته الملوثة إلى المناطق المحيطة عبر الرياح والسحب والأمطار وعناصر الطبيعة الأخرى، وما خلّفه من دمار وخراب ما زال الجدب في جغرافيته عنواناً لهول وخطورة وبشاعة مثل هذه التجارب.