أعلن الرئيس التنفذي الجديد لمجلس إدارة شركة «فولكسفاغن»، ماتياس موللر أمس، أنها ستخسر 3.5 بليون يورو في الربع الثالث من العام الحالي بسبب فضيحة التلاعب ببيانات إنبعاثات العوادم، في وقت أعلنت النيابة العامة الألمانية فتح تحقيق في إمكان تورط الكثير من العاملين في الشركة لتحديد المسؤولين عن الفضيحة. وأفادت تقارير إعلامية أخيراً بأن «عشرات القوى القيادية في الشركة» كانت على علم مسبق بعمليات التلاعب التي جرت منذ سنوات. وكانت شركة السيارات الأكبر في أوروبا، والثانية في العالم من حيث المبيعات، نفت في وقت سابق صحة تقرير لمجلة «دير شبيغل» الألمانية أشار الى تورط ما لا يقل عن 30 مديراًً فيها في فضيحة التلاعب ببيانات إنبعاثات العوادم. وذكر ناطق باسم الشركة الأسبوع الماضي أن «العدد هذا ليس له أي أساس». وأكدت الناطقة باسم النيابة العامة في مدينة براونشفايغ أن «باب التحقيق في إمكان تورط الكثير من العاملين في «فولكسفاغن» في فضيحة التلاعب في نتائج الانبعاثات فُتح الآن». وتؤكد تصريحاتها صحة التقارير الصحافية التي نشرت أخيراً عن الموضوع. وتدور التحقيقات التي أجريت حتى الآن حول «الاشتباه في ممارسة عملية احتيال» من دون تحديد متهمين. ورفضت الناطقة الإدلاء بمعلومات عن هويات المشتبه بهم مكتفية بالقول إن «لا علاقة لها بالصف الأول لقيادات الشركة». وبعدما لفتت إلى إمكان توسيع نطاق التحقيقات اختتمت بالقول: « كلما حفرنا أعمق يظهر مزيد من المتهمين». ونشرت «دير شبيغل» تقريراً جاء فيه أن «عشرات من القوى القيادية في الشركة كانت على علم على مدار سنوات بعمليات التلاعب بالعوادم»، مشيرة إلى توقيف هؤلاء عن العمل. واستندت المجلة في تقريرها أيضاً إلى تحقيقات تجريها مؤسسة «جونز داي» الأميركية للمحاماة المنوط بها كشف ملابسات الفضيحة. وكانت «فولكسفاغن» إعترفت أواخر الشهر الماضي بالتلاعب ببيانات إنبعاثات عوادم أكثر من 15 مليون سيارة تعمل بمحركات الديزل في مختلف أنحاء العالم وليس 11 مليوناً كما قيل في البداية، موضحة أن 8.5 مليون منها في أوروبا. وأدت الفضيحة إلى تغييرات كبيرة في الإدارة العليا للشركة حيث استقال عدد من كبار المسؤولين فيها بينهم رئيس مجلس الإدارة مارتن فينتركورن. وتواجه الشركة حالياً تحقيقات جنائية في الولاياتالمتحدة وإحالة إلى المحاكمة. وتقدر مصادر أميركية الغرامات والتعويضات التي ستفرض على الشركة الألمانية بنحو 18 بليون دولار. وللمرة الأولى منذ سنوات تسجل «فولكسفاغن» خسارة مالية بهذه الضخامة، وأعلن موللر أن السبب الرئيس للعجز الكبير في الربع الثالث من العام الحالي «الضغوط الناتجة عن فضيحة العوادم». وأضاف أن إسقاط الضرائب يخفض الخسارة إلى 1.7 بليون يورو (1,9 بليون دولار). وتنطلق الشركة من أن الفضيحة ستكلفها 6.7 بليون يورو. ورأى موللر أن «أوائل التبعات المالية للفضيحة بدأت تظهر عملياً». لكن خبراء يعتقدون أن تقديرات الشركة لخسائرها منخفضة جداً، خصوصاً أن من غير الممكن تقدير حجمها بالكامل حالياً، مشيرين إلى أن قيامها بوضع المبلغ المذكور منها في حساب خاص لا يكفي إطلاقاً، ويقدرون الخسارة الاجمالية المتوقعة ما بين 20 و80 بليون يورو. وعلى رغم إعلان «فولكسفاغن» في بيانات البيع الأخيرة أنها لم تشعر بتراجع في مبيعاتها بسبب فضيحة العوادم، بخاصة في أوروبا، يرى مراقبون أن من المبكر بعد تقدير هذا التفاؤل للفترة المقبلة. ويُلاحظ أن الشركة سجلت في أيلول (سبتمبر) الماضي إنخفاضاًً في مبيعاتها بنسبة 1.5 في المئة فقط، بسبب انخفاض البيع في الصين نتيجة الركود الاقتصادي هناك. لذلك لا بد من انتظار بيانات الشهر الجاري الذي يمكن أن يؤشر لاتجاه المبيعات في الأشهر المقبلة.