تساهم صناعة السيارات وأجزائها ب20 في المئة من الصادرات الألمانية، وتمثل نحو 2.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإقتصاد الألماني. وتجاوزت الصادرات من السيارت الألمانية 400 بليون دولار في العام 2014. ويعمل في صناعة السيارات في ألمانيا حوالي 2 في المئة من إجمالي اليد العاملة، أي 775 ألف عامل تقريباً، منهم 270 ألفاً (نحو 35 في المئة) في «فولكسفاغن» وحدها. ويثير هذا الرقم المخاوف من أن تأثير فضيحة «فولكسفاغن» الأخيرة لن تقتصر تبعاتها على الشركة فقط، لكنها قد تطول الإقتصاد الألماني نفسه، في حال تسريح جزء من العاملين في الشركة على ضوء التحقيقات الجارية. وبدأت أزمة "فولكسفاغن" بعدما كشفت «وكالة حماية البيئة»، أن الشركة باعت في الولاياتالمتحدة سيارات مزودة بأجهزة "خداع" لتحسين مستوى الانبعاثات الضارة خلال إجراء الإختبارات عليها. وذكرت الوكالة أن حوالي 482 ألف سيارة زودت بتلك الأجهزة التي تخدع أجهزة قياس الإنبعاثات في الولاياتالمتحدة وحدها، من بينها سيارات «أودي أي3» التي تصنعها «فولكسفاغن»، إلى جانب سيارت من طراز «جيتا» و«بيتل» و«غولف» و«باسات». وأكدت الشركة صحة ما جاء في التقرير، واعترفت بتحايلها على اختبارات الإنبعاثات في سياراتها التي تعمل بوقود الديزل. وأكدت وجود نحو 11 مليون سيارة تحتوي على أجهزة الخداع في جميع أنحاء العالم، أو ما يُعرف ب«جهاز خداع اختبارات الانبعاثات». ويستطيع جهاز "الخداع" الإحساس بسيناريو اختبار الانبعاثات من خلال رصد السرعة، ووضعية تشغيل المحرك، وضغط الهواء. وعندما تعمل السيارة في ظروف الاختبار التي تتضمن وضع السياراة على منصة اختبارات الانبعاثات في وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة في وضع يشبه وضع الأمان في الكمبيوتر ليبدأ المحرك في العمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له ليقلل من الانبعاثات الضارة، فيعطي قراءات تفيد بتوافق السيارة مع المعايير البيئية. وبعد الإختبار، تعود السيارة إلى حالتها الطبيعية مخلفةً انبعاثات بنسبة أكبر من المسموح بها. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك «آي إن جي» كارستن برزيسكي إن «فولكسفاغن أصبحت عامل خطر لتراجع الاقتصاد الألماني أكبر من أزمة الديون اليونانية»، وأشار إلى أن «تراجع مبيعات الشركة في أميركا الشمالية في الأشهر المقبلة لن يكون تأثيره فقط على الشركة، ولكن سيمتد ليشمل الاقتصاد الألماني كله». وأكد الخبير في شؤون صناعة السيارات لدى مركز «دي آي دبليو» في برلين مارتن غورنيغ أن «تراجع مبيعات السيارات ربما يلحق ضرراً بالموردين أيضاً، ومعهم الاقتصاد برمته». واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أنها «ضربة قوية للاقتصاد الألماني ككل» لكنه أضاف «أعتقد بأن فولكسفاغن شركة قوية لديها كل فرص النجاة من هذه الأزمة». وقلل وزيرا المال والاقتصاد الألمانيين من احتمال تعرض البلاد لخطر اقتصادي أكبر بعد هذه الفضيحة. ومن توابع الأزمة خسارة «فولكسفاغن» 27 بليون يورو في بورصة فرانكفورت، في الوقت الذي رجّحت فيه مصادر أميركية أن تصدر المحكمة الناظرة في القضية حكماً على الشركة بدفع غرامة تصل إلى 18 بليون دولار، من دون احتساب دعاوى الزبائن على الشركة لمطالبتها بتعويضات تصل إلى بلايين من الدولارات، ومحو الشركة من مؤشر «داو جونز للاستدامة» (دي جي أس أي)، في 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بحسب شبكة «سي إن بي سي» الأميركية. ويتوقّع أن تتعرض الشركة إلى مزيد من الهزات، خصوصاً بعد إعلان شركات الاستثمار في البورصة والوساطة المالية إلغاء أوامر الشراء التي كانت تعاقدت عليها مع الشركة، وأصدرت توصيات تدعو إلى التخلي عن أسهم «فولكسفاغن» بشكل موقت على الأقل. وفي سياق متصل، دفعت الفضيحة الرئيس التنفيذي ل«فولكس فاغن» مارتن فينتركورن، إلى الاستقالة، وخلفه في المنصب ماتياس مولر الذي قال إن الشركة خصصت نحو 7 بلايين دولار لتغطية التحقيقات التي ستشمل الشركة ككل. وأعلنت وزارة المواصلات الألمانية أنها ستحقق في ما إذا كانت الشركة تلاعبت بمعدلات تلوث سيارات الديزل في ألمانيا. وصرح مسؤولون عدة من كوريا الجنوبية أن بلادهم ستفتح بدورها تحقيقاً في الأمر. ويتوقّع أن تسير الصين على المنوال نفسه. وتُعتبر الصين أكبر سوق للشركة الألمانية، ما جعلها تحتل المرتبة الثانية في العالم بعد «تويوتا».