تستضيف الهند أكبر قمة أفريقية هذا الأسبوع، في الوقت الذي يسعي فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لمجابهة هيمنة الصين على القارة التي تتمتع بوفرة في الموارد طبيعية ويقطنها سكان هم الأسرع نمواً في العالم. وترغب نيودلهي التركيز على قوتها الناعمة وعلاقاتها التاريخية مع افريقيا على عكس تركيز الصين على استخراج الموارد واستثمار رؤوس الأموال، الأمر الذي أثار انتقادات من بعض الدول لنهج بكين التوسعي القائم على الإهتمام بالمصالح التجارية من دون غيرها. ومن بين 54 دولة دعيت إلى الحضور، تتوقع الهند استقبال وفود من أكثر من 40 دولة يمثلها رؤساء الدول والحكومات لعقد القمة بعد غد (الخميس) بعد سلسلة من الإجتماعات الوزارية. ويعتبر تاريخ العلاقات التجارية بين الهند وافريقيا الأقدم تاريخياً، بالاضافة إلى روابط مشتركة تتمثل في الكفاح ضد الاستعمار. غير أن نفوذ الهند تلاشى إبان الحرب الباردة بعدما إنسحبت وآثرت عدم الانحياز. والآن يريد مودي الذي دشن حملة «صنع في الهند» الرامية لتعزيز الصادرات، استغلال التباطؤ الإقتصادي في الصين لتسليط الضوء على الهند باعتبارها شريكاً بديلاً للتجارة والإستثمار. وقال مودي للصحافيين الأفارقة قبل القمة: «الهند أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً. وفريقيا تشهد نمواً سريعاً أيضاً». وعلى رغم أن النمو الاقتصادي الأساسي للهند يفوق نمو الصين، إلا أن حجم اقتصادها يعادل خمس الاقتصاد الصيني، وتفتقر نيودلهي إلى القدرة المالية اللازمة لتحدي بكين في المنافسة على السوق الافريقية. وقال المحلل المختص بالسياسة الخارجية في مؤسسة «أوبزرفر ريسيرش»، سي راغا موهان: «لا يمكننا اللحاق بالصين فيما يتعلق بالموارد، لكن أي تعاون بيننا وبين الأفارقة يتيح لهم الاختيار على الأقل». وقمة المنتدى بين الهند وأفريقيا هي الثالثة من نوعها. وارتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى أكثر من مثليه منذ انعقاد القمة الأولى في العام 2008 ليصل إلى 72 بليون دولار. لكن ذلك يقل كثيراً عن حجم التجارة بين الصين وافريقيا والذي قفز إلى 200 بليون دولار مع استيراد ثاني أكبر اقتصاد في العالم للنفط والفحم والمعادن لتغذية آلاتها الصناعية. وتسعى شركة النفط الحكومية «أو إن جي سي»، التي لديها حقول في السودان وجنوب السودان، إلى شراء أصول أجنبية بقيمة 12 بليون دولار على مدى الأعوام الثلاث المقبلة، واختارت أفريقيا هدفاً لاستثماراتها. وتجري الهند محادثات أيضاً مع جنوب أفريقيا لشراء مناجم فحم تنتج ما يصل إلى 90 مليون طن من فحم «الكوك» سنوياً لتغذية صناعة الصلب المتنامية لديها. وجنوب افريقيا هي بالفعل من الموردين الرئيسيين للفحم إلى الهند. غير أن الهند ترغب بمشاركتها لأفريقيا بأن تكون أقل تركيزاً على المصالح التجارية من الصين، إذ تسعى الى إقامة شراكة تنموية مع منطقتين تمثلان ثلث سكان العالم، ولكنها تضم 70 في المئة ممن يعيشون تحت خط الفقر. وقال الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية فيكاس سواروب: «شراكتنا لا تركز على رؤية تتعلق بالاستغلال أو الاستخراج، لكنها تركز على أحتياجات أفريقيا ومواطن القوة التي تتمتع بها الهند».