أظهرت دراسة سعودية ارتفاع أعداد المتسولين في الآونة الأخيرة، حتى كاد أن يتحول إلى «ظاهرة» في المجتمع السعودي، تتسبب في كثير من المشكلات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، مشيرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، إضافة إلى تعاطف المجتمع مع المتسولين. وكشفت الدراسة التي أعدها باحث علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور مساعد الحديثي، بعنوان «ظاهرة التسول وأثرها الاجتماعي والاقتصادي والأمني في السعودية»، أن مدينة جدة تضم أكبر شريحة من المتسولين تم القبض عليهم، بنسبة 33 في المئة، تليها مدينة مكةالمكرمة، بنسبة 25.3 في المئة، ثم الرياض بنسبة 19.4 في المئة، فالمدينة المنورة بنسبة 16.5 في المئة. في حين احتضنت الدمام أقل نسبة تسول على مستوى مناطق السعودية بأربعة في المئة. وأوضحت الدراسة التي نشرتها مجلة «دراسات إسلامية» الصادرة عن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، أن ظاهرة التسول «لا تتوقف عند جنسية معينة، وأنها تنتشر في جنسيات عدة من مختلف الدول العربية والآسيوية والأفريقية، إذ اتضح أن غالبية المتسولين من غير السعوديين، وبنسبة 85.4 في المئة». وعن الفئة العمرية للمتسولين، بينت أن المتسولين من 16 إلى 25 عاماً يمثلون 24.6 في المئة، بينما بلغت نسبة الفئة العمرية من 46 عاماً فأكثر 22.5 في المئة. في حين تقاربت النسبة في الفئة من 36 إلى 45، ومن 26 إلى 35 عاماً، إذ بلغت في الأولى 20.7 في المئة، وفي الثانية 20 في المئة، وآخر القائمة الفئة العمرية من 15 عاماً فأقل بنسبة 5.6 في المئة. وكانت نسبة التسول لدى الذكور أكبر من الإناث، إذ بلغت في الذكور 84.6 في المئة، كما أن 52.8 في المئة من المتسولين أميون، وأكثرهم متزوجون بنسبة 56.3 في المئة، كما أن غالبية المتسولين يتجهون إلى الأسواق، ويليهم الذين يمتهنون التسول عند إشارات المرور ثم المساجد والأرصفة، في حين فضلت الفئة الأخيرة الطرق والمنازل. واعتبر الباحث أن ظاهرة التسول أصبحت تعاني منها كل المجتمعات العالمية، مشيراً إلى وجود فوارق من ناحية مدى انتشارها وحدتها من مجتمع إلى آخر وفقاً للعادات والتقاليد، والثقافات السائدة وقال: «تعد ظاهرة التسول من الظواهر الممقوتة والبغيضة، ومن وسائل الكسب السهلة غير المشروعة التي تفرز أفراداً من مختلف الفئات العمرية يكونون عالة على المجتمع، ويسهمون في ضعفه وهوانه، وفي تقديم صورة سيئة عنه»، مبيناً أن لها العديد من الآثار السلبية على المجتمع في مختلف المجالات والأصعدة. وأشار الحديثي إلى أن تنوع أشكال التسول في العصر الحدث، فمنه «الإجرامي، والموسمي، وهناك التسول البسيط والمخطط، والتسول بالإكراه، والبكاء والإلحاح، أو إدعاء التخلف العقلي»، لافتاً إلى أن السعودية اتخذت تعليمات وقرارات منظمة لإجراءات مكافحة التسول والوقاية منه وتطبيقها في جميع مناطق ومدن المملكة. وكشفت الدراسة تبايناً في أسباب التسول، مشيرة إلى جملة الأسباب التي أوردها المتسولون التي دفعتهم إلى التسول ومنها «العوز الشديد والبطالة، وتعاطف المجتمع، إضافة إلى أنها وسيلة سهلة لكسب العيش أو عدم وجود عائل»، غير أن المسؤولين في مكافحة التسول وبعض الإدارات المعنية أجمعوا على أن تعاطف الناس مع المتسولين هو السبب الرئيس الذي دفع هؤلاء إلى امتهان التسول. وعن الطرق والوسائل المتبعة في التسول، أظهرت النتائج أن «القيام ببيع أشياء تافهة هي أكثر الأساليب المتبعة في التسول»، فيما كان رأي المسؤولين يتجه نحو عرض الصكوك والوثائق التي كانت من أبرز الوسائل المتبعة للمتسولين. وأوصت الدراسة بتنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة بمكافحة التسول في مكةوجدةوالرياض، ودعمها بالأفراد والمعدات، ووضع الضوابط والإجراءات النظامية، والتركيز على الأماكن التي يرتادها المتسولون، وإصدار أنظمة رادعة وتطبيق العقوبات بحق المخالفين، والعمل على إيجاد فرص وظيفية للعاطلين، مشددة على توعية أفراد المجتمع بخطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية من خلال أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ومن خلال الخطب والمحاضرات.