شدد مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ على عدم التصدق على المتسولين عند الإشارات والمنازل وفي الشوارع لما في ذلك من عرقلة لجهود الجهات المختصة في مكافحة التسول. الشوري ناصر الشهراني لا يستبعد استغلال «التسول» لجمع المال للتنظيمات المشبوهة وقال سماحة المفتي ل»الرياض» إنه لا صدقة في طالبي المال من المتسولين عند الإشارات والمنازل وبالشوارع، وإن إعطاءهم المال بهدف التصدق غير صحيح بل فيه عرقلة لجهود الجهات المختصة بمكافحة التسول، واستثنى من المتسولين طالبي المال في المجمعات التجارية وفي القطاعات المختلفة الذين يطلبون المال بأوراق تشرح حالتهم، موضحا أنه يجوز إعطاؤهم المال من غير أموال الزكاة، فهؤلاء لا زكاة فيهم لأنه لا نعلم ظروفهم فقد يكونون ممن يمتهنون التسول وممن لا يعمل رغم مقدرته على العمل. جاء هذا على خلفية ما رصدته «الرياض» في أحد المجمعات التجارية حيث ابتكرت مجموعة من الشباب والصغار طرقًا جديدة لتسول المال من خلال قصاصات ورق يطلبون فيها المال ويستهدفون بها النساء دون الرجال، ويوزعونها على المتسوقات بهدف كسب المال. من جهتها، أفصحت وزارة الشؤون الاجتماعية عن عدد المتسولين في المملكة، وقالت إنها قبضت في فترة 1433/1434ه على (23274) متسولا، منهم (2638) سعوديا أي بما نسبته 11 في المئة، وقد بلغت نسبة النساء السعوديات المقبوض عليهن 50 في المئة، والأطفال السعوديين 38 في المئة، في حين كانت نسبة الذكور الأجانب 62 في المئة، والأطفال 22 في المئة، والنساء 16 في المئة. وحول هذا لم يستبعد عضو مجلس الشورى الدكتور ناصر الشهراني أن يكون التسول بابًا لتمويل أنشطة أي جماعة معينة أو تنظيم مخالف، حيث انه من المعروف أن لا يألو مثل هؤلاء جهدا في استغلال جميع القنوات الشرعية وغير الشرعية للحصول على المال بما فيها التسول. وزاد أن عمل مكافحة التسول يجب أن يكون من اختصاص عدد من الجهات الأمنية والمجتمعية والحقوقية والمؤسسات الدينية، وذلك لأن أبعاد التسول مختلفة ففيهم كبار في السن والأطفال والمرضى والسعوديون وغير السعوديين والنساء، ويجب أن تتعاطى جميع الجهات المعنية لتشكل فرق مكافحة، واستحداث نموذج مشترك من أكثر من جهة حكومية للعمل على الحد من هذه الظاهرة. وقال د.الشهراني: «نحن بحاجة إلى تثقيف المجتمع بالدرجة الأولى الذين بتعاطفهم مع هذه الفئات يعيقون عمل المؤسسات المكافحة، إلى جانب دراسة الحالات المتسولة ومعالجة المسببات كالبطالة والحاجة والعجز، وألا نكتفي بمعالجة الموضوع ظاهريا بل نحن بحاجة إلى بحث المسببات والعمل على علاجها». الشيخ عبد العزيز ال شيخ د.ناصر الشهراني وأبان أنه بمعية زميله في المجلس الدكتور سعد بن مارق تقدما بمشروع نظام لمكافحة التسول يهدف إلى الحد من التسول وإصلاح المتسولين إذا كان لديهم ظروف معينة، إلى جانب تجريم ومعاقبة من يعتاد التسول وإنشاء دور لرعاية المتسولين، ومعاقبة من يقبض عليهم بالسجن سنتين والغرامة 20 ألفا ومصادرة الأموال المضبوطة لصالح الجمعيات الخيرية، وحرمان الأجانب من دخول المملكة 5 سنوات. مؤكدا أنه يرى عدم جواز التسول وذلك مصداقا لما رواه مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتاً». هذا ويتكون مشروع النظام المقترح المكون من 11 مادة، وينشأ بموجبه مؤسسة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تسمى المؤسسة الوطنية لتنمية الابتكارات، وستعمل على رفع وتحسين مستوى مشاركة المؤسسات التجارية في الاقتصاد الوطني، من خلال دعم مشاريع الابتكار واستثمار براءات الاختراعات، وتمويل المشاريع الابتكارية بوسائل مختلفة تشمل الاستثمار المباشر في المؤسسات، من خلال صناديق التمويل بالمؤسسة والإقراض المالي بأسلوب المرابحة. وقد لخص مقترح النظام، أسباب ضرورة وجود نظام لمكافحة التسول في البلاد، في أربع نقاط، أهمها استغلال المتسولين لكل التجمعات والمناسبات من أجل التكسب غير المشروع، وخاصة في المساجد وأثناء الحج والعمرة. السبب الآخر يتمثل في عدم وجود نظام يتصدى بالتفصيل لمكافحة ظاهرة التسول، من خلال وضع تدابير للحد من التسول، وسن عقوبات محددة على من يمتهن التسول، فضلا عن ضعف الإجراءات المطبقة حاليا في الحد من ظاهرة التسول ومعالجة آثارها، وخطورة ظاهرة التسول على الفرد والمجتمع على حد سواء، الأمر الذي يقتضي سن نظام لمواجهة الظاهرة. كما كشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في المملكة العربية السعودية تشهد زيادة مستمرة وارتفاعاً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، مرجعة الأسباب الرئيسية في بروز هذه الظاهرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، محذرة في الوقت نفسه من آثاره السلبية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وحول جنسيات المتسولين أوضحت الدراسة التي دعمتها «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية» بنحو 350 ألف ريال أن معظم المتسولين من الجنسية اليمنية، تليهم الجنسية المصرية، ثم الجنسيات الأخرى، أغلبهم من الأميين ذوي الدخول المنخفضة. واتضح لدى فريق البحث أن الأسباب الرئيسة للتسول تتمحور حول العوز الشديد، والبطالة، والظروف الأسرية، وتعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول، وعدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، إضافة إلى ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول، وكثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، ووجود عصابات تشرف على التسول.وبينت الدراسة أن أعمار معظم المتسولين المقبوض عليهم تتراوح بين (16-25) سنة ويليهم الفئة العمرية (46 عاماً) فأكثر، غالبيتهم من الذكور والأميين وذوي الدخول المنخفضة، فضلاً عن أن شريحة كبيرة منهم من المتزوجين، والعاطلين عن العمل، والذين يعولون أعداداً كبيرة من الأفراد، يتبعون عددا من الطرق المختلفة للتسول منها استغلال الأطفال في هذه العملية، والخداع والتمثيل، وإدعاء العاهات والتخلف العقلي، وعرض الصكوك والوثائق. شاب يستهدف النساء بتوزيع قصاصات تشرح ظروفه نموذج لإحدى القصاصات المعطاة لسيدة