يمر الوضع السياسي الداخلي في لبنان بمنعطف حاسم خلال الأيام الثلاثة المقبلة، يتقرر خلالها مصير حكومة الرئيس تمام سلام، في ضوء الأنباء عن نيته الاستقالة إذا لم تحل أزمة النفايات، ومصير الوضع المالي للخزينة اللبنانية في ظل الحاجة إلى إصدار مجموعة قوانين تتعلق بهذا الجانب. وهذا ما دفع رئيس البرلمان نبيه بري إلى التمهيد لعقد جلسة نيابية عامة للتصديق عليها، مع استعداده لتجاوز غياب فرقاء مسيحيين عنها بحجة استمرار الشغور في الرئاسة الأولى، بعد أن كان حرص على مراعاة غيابهم بالامتناع عن دعوة المجلس للاجتماع حفاظاً على ميثاقية الجلسات النيابية. (للمزيد) وعبّر معاون بري، وزير المال علي حسن خليل عن إصرار الأول على اجتماع البرلمان لخطورة عدم إقرار القوانين المطلوبة على قدرة الدولة على دفع الرواتب بعد نهاية الشهر المقبل، وعلى قابلية المؤسسات الدولية لإقراض الدولة، بالقول أمس أن «الرئيس بري أول من حرص على الالتزام بالميثاقية وحرصنا على الميثاقية في مجلس الوزراء كما حرص الرئيس سلام، لكن عندما تكون هناك ضرورة لا يراهنّ أحد أن التعطيل قدر لا يمكن الخروج منه». وفي المقابل أبلغ مصدر وزاري «الحياة» أن سلام لن يبقى ساعة واحدة بعد يوم الخميس المقبل، إذا لم تجد خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة ملف النفايات طريقها إلى التنفيذ. وقالت مصادر مقربة من سلام ل «الحياة» أنه يدرس خياراته في ضوء اقتناعه بأن الحلول مقفلة بالكامل. لكن مصادر سياسية أشارت إلى أن بري طالب سلام بالتريث لأنه يبذل جهوداً لتذليل العقبات أمام الخطة، وأن الضغوط على سلام لتفادي تعميم الفراغ في السلطة التنفيذية ستثنيه مجدداً عن الاستقالة. وينعكس تصعيد الحزب هجومه العنيف ضد المملكة العربية السعودية على جلستي الحوار المقررتين، غداً الإثنين لهيئة الحوار الوطني التي تضم رؤساء الكتل النيابية برئاسة بري، وبعد غد الثلثاء للجلسة الواحدة والعشرين للحوار الثنائي بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» برعايته. ففي الأولى، سيطرح بري إلحاحية التئام البرلمان وسط اشتراط زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بالاتفاق مع «القوات اللبنانية» وضع قانوني الانتخاب والجنسية على جدول أعمالها، فيما الثانية تواجه عقبة العلاقة المتوترة بين الفريقين والتي كانت دفعت وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى انتقاد «وصاية الحزب على الفلتان الأمني» في منطقة البقاع، ما يحول دون تنفيذ الخطة الأمنية فيها، والتلويح بإمكان الانسحاب من الحكومة والحوار. وبلغ تصعيد الحزب ضد السعودية مرحلة غير مسبوقة خلال كلمتي أمينه العام السيد حسن نصر الله لمناسبة التاسع والعاشر من شهر محرم، أول من أمس وأمس، والتي تحولت إلى استعراض للقوة والتعبئة من أجل القتال في سورية. وقالت مصادر المشنوق العضو في وفد «المستقبل» إلى الحوار الثنائي، ل «الحياة» أنه ما زال يجري مشاوراته حول ما إذا كان سيشارك في جلسة الثلثاء المقبل الحوارية، نظراً إلى شكوكه إزاء استعداد الحزب لتسهيل عمل القوى الأمنية. وخاطب نصر الله خصومه أمس بالقول «لا تنتظروا حواراً إيرانياً سعودياً، انتظرتم البرنامج النووي لمناقشة الملف الرئاسي، لكن ماذا تبدل»؟ وأشار إلى أن «قائد الثورة الإيرانية علي الخامنئي والإيرانيين أشرف من أن يبيعوا صديقاً أو حليفاً ونحن أسياد قرارنا... وعند أميركا يوجد عبيد أما نحن حزب ولاية الفقيه فسادة عند الولي الفقيه». لكنه عاد فقال أن «لا بديل عن طاولة الحوار». وكان الوزير الخليل قال عن حوار «المستقبل» مع «حزب الله»: «علينا أن ننظر إليه كمساحة اللقاء الوحيد في العالم العربي والإسلامي بين السنة والشيعة».