حذرت الصين أمس (الثلثاء) كلاً من الولاياتالمتحدة وروسيا من خوض «حرب بالوكالة» في سورية، بعد التدخل العسكري الروسي في هذا البلد والمواقف الأميركية المعارضة له، ودعت الدولتين إلى الدفع في اتجاه تسوية سياسية للأزمة السورية، وعقد اجتماع جنيف ثالث من دون شروط مسبقة وبمشاركة أطراف النزاع جميعاً. وزاد التدخل العسكري الروسي في سورية من تعقيدات الأزمة التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من أربع سنوات، وسط توقعات بأن يؤثر هذا التدخل سلباً في مساعي الأممالمتحدة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة قبل «جنيف - 3». وأعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم الاسبوع الماضي أن حكومة بلاده مستعدة للمشاركة في هذه المبادرة، لكن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أكد في بيان بعد اجتماعات عقدت في اسطنبول الأسبوع الماضي، أن «المبادرة لن تنجح بصيغتها الحالية». واعتبر متابعون للشأن السوري في هذا السياق، أنه بسبب هذه التطورات، فإن نجاح اجتماع «جنيف - 3» يبقى مرهوناً بالتوافق الروسي - الأميركي. وكانت الأممالمتحدة استضافت عبر مبعوثها الأممي انذاك كوفي أنان، في جنيف، خلال العام 2012 اجتماعاً ل «مجموعة العمل من أجل سورية» عُرف باسم «جنيف -1». وضمّ الاجتماع كلا من الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين وفرنسا والعراق والكويت والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية والولاياتالمتحدة وممثلة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. وأعلن أنان خلال مؤتمر«جنيف - 1» ، أن الاجتماع أقر بياناً مفصلاً حول الأزمة أكد ضرورة الضغط على جميع الأطراف لتطبيق خطة من ستة بنود عرفت باسم "خطة أنان"، مشدداً على ان "الحل يجب ان يكون بطريقة سياسية وعبر الحوار والمفاوضات فقط". ووضع أعضاء مجموعة العمل خطة انتقالية لمعالجة الأزمة السورية، أقرتها «مجموعة الاتصال» حول سورية. ومن أهم ما جاء في بيان «جنيف - 1»، وجوب تشكيل حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية، وان تسمي الحكومة السورية تسمي محاوراً فعلياً عندما يطلب المبعوث الدولي ذلك، وتمكين جميع شرائح المجتمع السوري من المشاركة في عملية الحوار الوطني. ونص البيان ايضا على وضع حد لإراقة الدماء، بالاضافة لوقف إطلاق النار واحترام بعثة مراقبي الأممالمتحدة والتعاون معها، واحترام مؤسسات حقوق الإنسان، وتخصيص إمكانات مادية لإعادة إعمار سورية. وهَدف مؤتمر «جنيف - 2» إلى الجمع بين وفد يمثل الحكومة السورية وآخر يمثل المعارضة السورية معاً لنقاش كيفية تنفيذ بيان «جنيف - 1» (الحكومة الانتقالية)، وإنهاء الحرب، إضافة إلى بدء العمل لتأسيس جمهورية سورية جديدة. ووصفت الولاياتالمتحدة مؤتمر «جنيف - 2» بأنه "أفضل فرصة للمعارضة السورية لكي تحقق أهداف الشعب السوري وثورته"، على رغم أن تحقيق تقدم ملموس أمر غاية في الصعوبة. ويرجع ذلك إلى أن الطرفين الرئيسين لديهما أهداف متناقضة تماماً. فالحكومة السورية أكدت مراراً أن مسألة رحيل الأسد عن السلطة ليست قابلة للتفاوض، بينما يؤكد ائتلاف المعارضة أنه لا يجب أن يكون للأسد أي دور في هيئة الحكم الانتقالي التي نص عليها بيان «جنيف - 1». وأدت عقبتان رئيسيتان إلى فشل مفاوضات «جنيف - 2» بداية 2014، وهما اعتبار «الائتلاف الوطني السوري» ممثلاً للمعارضة من دون باقي القوى المعارضة، وعدم دعوة إيران إلى المؤتمر وسحب الدعوة في آخر لحظة، إضافة إلى خلاف بشان الأولويات بين وفدي الحكومة و «الائتلاف» اذ ركز الأول على «محاربة الإرهاب» وتمسك الثاني بتشكيل «هيئة حكم انتقالية"، وسط امتناع الجانب الروسي عن ممارسة أي ضغوط على الوفد الحكومي للدخول في مفاوضات جدية، خصوصاً بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في خضم الجولة الثانية من «جنيف - 2».