أكدت منظمة «أطباء بلا حدود» أن القوات الأفغانية والأميركية أبلغت منذ أشهر بموقع مستشفى تديره في مدينة قندوز (شمال) التي سيطرت عليها حركة «طالبان» لأيام الإثنين الماضي. لكن ذلك لم يمنع تعرض المستشفى لقصف جوي أميركي استمر أكثر من نصف ساعة أمس أدى إلى مقتل 19 شخصاً على الأقل بينهم 9 من موظفي المنظمة التي قالت أيضاً إنها أبلغت واشنطن بإصابة المستشفى خلال الغارات. وأعقب ذلك إعلان مكتب الرئيس الأفغاني أشرف غني، أن قائد قوات الحلف الأطلسي (ناتو) الجنرال الأميركي جون كامبل اعتذر لغني عن القصف الذي أكد وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أنه سيخضع «لتحقيق شامل» يجري حول قصف مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان لكن من دون تأكيد ما إذا كان الأميركيون شنوا الغارة. وأكد كارتر أن «القوات الأميركية المساندة لنظيرتها الأفغانية نشطت قرب المنطقة، على غرار مقاتلي طالبان»، فيما أعلن المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة زيد رعد الحسين، أن الغارة «غير مبررة وقد تكون إجرامية». وأحرقت الغارة الأميركية مبنى المستشفى بالكامل، الذي يضم - وفق بيان أصدرته المنظمة من مقرها بباريس- 105 مرضى و80 من أفراد الطاقم الطبي المؤلف من أفغان وأجانب. ويعتبر المستشفى الذي شددت المنظمة على أنه قصف مرات، المرفق الصحي الرئيسي لسكان قندوز والمناطق المجاورة، ويكتظ غالباً بمرضى بسبب ضعف الخدمات الطبية الحكومية في الشمال، والذي زاد إثر اقتحام «طالبان» المدينة ونقل جرحى الاشتباكات إليه. وسبق أن قصفت القوات الأميركية مرات مراكز مدنية في أفغانستان، ما زاد المشاعر المعادية لها وأدى إلى عمليات انتقام لرجال أمن أفغان من نظرائهم الأميركيين. وكانت القوات الحكومية والأميركية أعلنت استعادة السيطرة على قندوز، وهو ما نفته «طالبان» وعارضته شهادات أدلى بها سكان محليون قالوا إن عناصر الحركة لا يزالون يسيطرون على غالبية أحياء المدينة. وناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتحاربة تجنب قصف المرافق الإنسانية والصحية «القليلة في مناطق شمال أفغانستان والتي تعاني من نقص في الخدمات الصحية المقدمة». في غضون ذلك، واصل مسلحو «طالبان» نصب مكامن للقوات الحكومية القادمة من ولاية بقلان جنوب قندوز، وسيطروا على منطقتين في ولاية تاخار وأخريين في ولاية بدخشان شرق قندوز. وأفاد مسؤولون وسكان بأن «مركز مديرية بهارك سقط في يد طالبان، وأن أكثر من ألف عنصر أمن أفغاني انسحبوا من المنطقة». وفي مؤشر على انحسار الثقة بالحكومة وقواتها التقى في العاصمة كابول عدد من الشخصيات المعروفة من حقبة الغزو السوفياتي لأفغانستان لمناقشة كيفية الرد على سيطرة «طالبان» على قندوز وتقدمها في مناطق شمالية أخرى . على صعيد آخر، نقلت صحيفة «ويلت أم سوننتاغ» الألمانية عن مسؤولين في قيادة «الناتو» قولهم إن الحكومة الألمانية ترغب في تمديد بقاء 850 جندياً وضابطاً سنة إضافية في شمال أفغانستان. وفي كلمة أمام المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن، أكد قائد الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف أن بلاده لن تسمح ب «أدنى وجود» لتنظيم «داعش»، الذي اعتبر أنه «مصدر تهديد أكبر من تنظيم القاعدة». وتابع: « القاعدة كانت اسماً لكن داعش هو اليوم اسم أكبر، وهناك أشخاص في إسلام آباد يريدون إظهار الولاء لداعش، ما يشكل ظاهرة خطيرة جداً». وشدد الجنرال شريف على أهمية المصالحة بين «طالبان» الأفغانية وكابول، «لأننا إذا لم ننفذها كما يجب وانقسمت طالبان الأفغانية فسيتجه المقاتلون إلى التنظيم الأكبر وهو داعش».