باشرت محكمة جزائرية التحقيق مع الجنرال المتقاعد حسين بن حديد الذي اعتقل مساء الأربعاء الماضي في طريق عام شمال العاصمة الجزائرية، فيما يعتقد أن وزارة الدفاع الجزائرية حركت دعوى ضد الجنرال المتقاعد إثر تصريحات انتقد فيها رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح ومقربين من السلطة. وأفادت مصادر جزائرية بأن قاضياً في محكمة مدنية (محكمة سيدي محمد) استمع إلى بن حديد، أي أن الأخير لم يحل على القضاء العسكري. وقال رجل قانون بارز ل «الحياة» أن تفسير ذلك «معناه أن وزارة الدفاع حركت دعوى ضد الجنرال المتقاعد بناء على المادة 144 من قانون العقوبات»، والتي تتعلق بقضايا الرأي وهي موجهة بالأساس إلى الصحافيين والأئمة. وأكدت مصادر مقربة من الملف، أن وزارة الدفاع حركت الدعوى القضائية منذ ثلاثة أيام عقب التصريحات النارية التي أطلقها الجنرال المتقاعد ضد رئيس الأركان وشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة. ويعتبر بن حديد ثاني ضابط بارز متقاعد يعتقل بعد الجنرال حسان الذي أوقف في منزله في العاصمة في 28 آب (أغسطس) الماضي، وأحيل على القضاء العسكري في البليدة ووجهت إليه تهم خطرة. وتلت اعتقال حسان إحالة الفريق محمد مدين على التقاعد بعد أيام، في قرار أثار جدلاً كبيراً، وتضاربت التأويلات والتحليلات بخصوص التغييرات التي تتم على مستوى الجيش والاستخبارات. وعلقت لويزة حنون زعيمة حزب العمال أمس، على اعتقال بن حديد، قائلة: «لا تهم التهم الموجهة إليه بقدر ما نندد بطريقة الاعتقال في الطريق العام. ما هي الرسالة التي يريدون إيصالها، فإذا كان اعتقال جنرال يتم بهذه الطريقة فكيف سيعتقل مواطن عادي أو صحافي أو حتى رئيس حزب». وتقول مراجع قضائية أن الجنرال متابع رسمياً بتهمة «إفشاء أسرار عسكرية خطرة علم بها أثناء توليه مسؤوليات في الجيش»، ومعلوم أن المعني تحدث علناً عن «تزوير» انتخابات 1991 لمصلحة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة، وأحداث أخرى مهمة في فترة مكافحة الإرهاب. وكبرت الاتهامات بين رجال السلطة والجنرال بن حديد الذي عرف بدفاعه عن الفريق محمد مدين المقال من قيادة الاستخبارات، وشمل هجوم بن حديد رجل الأعمال الشهير علي حداد الذي وصفه ب«صنيعة» سعيد بوتفليقة، ما دفع حداد إلى رفع دعوى قضائية ضده. وحذر وزير العدل الطيب لوح مما سماه «مغبة الإدلاء بأي تصريحات إعلامية قد يقع صاحبها تحت طائلة القانون والمتابعة الجزائية»، مؤكداً أن «العديد من الأطراف بات يدلي بتصريحات من هنا وهناك»، من دون حسيب ولا رقيب، في إشارة واضحة إلى تصريحات بن حديد، مشدداً على ضرورة «عدم زرع ثقافة خرق القانون التي قد تعصف بالدولة مستقبلاً».