في موقف هو الأقوى له منذ «اعتكافه» بسبب تردي وضعه الصحي، تبرأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من الهجمات التي شنها سياسيون محسوبون عليه، ضد جهاز الاستخبارات وتحديداً مديره الفريق محمد مدين (توفيق). واستغل بوتفليقة حادث سقوط طائرة عسكرية ذهب ضحيته 77 قتيلاً أول من أمس، ليحض السياسيين على وقف التهجم على المؤسسة العسكرية، قائلاً إن «التكالب على الجيش وصل إلى حد لم تصله الجزائر منذ الاستقلال». واعتبر مراقبون وقوف بوتفليقة علناً ضد الحملة على الاستخبارات التي قادها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عمار سعداني، إلى أن التسريبات حول إبلاغ الرئيس مقربيه بعدم رغبته في الاستمرار في منصبه، تحمل قدراً كبيراً من الصحة، باعتبار ان سعداني من أبرز الداعمين لترشح الرئيس لولاية رابعة. وضمّن الرئيس الجزائري رسالة التعزية التي وجهها إلى نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، «تبرئة ذمة» من تصريحات سعداني، إذ دعاه دون أن يسميه إلى الكف عن انتقاد الاستخبارات (دائرة الاستعلام والأمن)، علماً ان الأمين العام سارع الى نفي أن يكون هو المقصود في الرسالة. وأكد بوتفليقة أن «أحداً مهما علت مسؤولياته ومنصبه، لا يحق له أن يتعرض للمؤسسة العسكرية ويضرب استقرار البلاد وتوازن هذه المؤسسة أو غيرها من المؤسسات الدستورية». وأضاف: «اعتدنا على الأجواء التي تخرقها بعض الأوساط قبل كل استحقاق، لكن هذه المرة وصل التكالب إلى حد لم يصله بلدنا منذ الاستقلال، فكانت محاولة المساس بوحدة الجيش الوطني الشعبي والتعرض لما من شأنه أن يهز الاستقرار في البلاد». وفُهمت رسالة بوتفليقة على أنها مؤشر بارز الى عدم رغبته في الترشح لولاية رابعة، بعدما جاهر بوقوفه ضد أول الدعاة إلى استمراره في الحكم، في حين أبلغت مصادر مطلعة «الحياة» أن وضع الرئيس الصحي لم يتحسن كثيراً رغم ابتعاده عن النشاط الرسمي. ورأى مراقبون ان تدخل بوتفليقة ضد سعداني يعزز محاولات خصوم الأخير لعقد دورة استثنائية للجنة المركزية للحزب الحاكم اليوم أو غداً لإقالته، وبذلك يصبح رئيس الحكومة السابق علي بن فليس مرشحاً رئاسياً قوياً، بنيله تأييد «الجبهة» اضافة الى دعم الاستخبارات، كما تفيد المعلومات المتداولة في الجزائر. وفي سياق متصل، دعا اللواء المتقاعد في الجيش الجزائري حسين بن حديد الرئيس بوتفليقة إلى الرحيل «بعزة وكرامة» وعدم الترشح لولاية رابعة. وقال بن حديد إن «هذا الشخص المريض لا يمكن ان يضمن استقرار البلد ولا اعتقد أنه يملك القدرات البدنية والفكرية ولكن حاشيته تتلاعب بمصير الجزائر». وأعلنت الجزائر الحداد 3 أيام على ضحايا تحطم الطائرة العسكرية بسبب سوء الأحوال الجوية في ولاية أم البواقي. وألغى رئيس الوزراء عبد المالك سلال زيارة إلى شرق البلاد بسبب الحداد.