على وقع الاشتباكات العنيفة في دارفور بين الجيش السوداني والمتمردين، التقى الرئيس السوداني عمر البشير رسمياً مساء أول من أمس، حليفه السابق حسن الترابي الذي تحوّل معارضاً، للمرة الأولى منذ 14 سنة، في وقت تسعى الحكومة لفتح حوار مع المعارضين بعد دعوات للإصلاح. وأعلنت سلطات ولاية شمال دارفور المضطربة في غربي السودان، أن الجيش طرد المتمردين من مدينة مليط قرب الحدود الليبية بعد مقتل عدد كبير منهم. واعترفت بقتل 78 من ضباط وجنود الجيش وعشرة مدنيين. وقال حاكم ولاية شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر، إن المتمردين دخلوا مدينة مليط مساء الخميس الماضي، حيث دارت مواجهات بينهم وبين الجيش استمرت لساعات. واتهم «حركة تحرير السودان» التي يتزعمها مني أركو مناوي بتدبير الهجوم بمساعدة مجموعات أخرى. وأكد حاكم الولاية أن «القوات الحكومية كبدت المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ولا تزال تطاردهم بعد أن ولوا هاربين». وأضاف أن «قائدين من القوة المهاجمة قُتلا في المدينة، إلى جانب عدد من جنود الحركات، ومدينة مليط آمنة الآن ومستقرة في يد الحكومة بعد طرد القوات المهاجمة». إلى ذلك، صرح مستشار حاكم شمال دارفور إبراهيم محمد محمود للتلفزيون المحلي في الفاشر عاصمة الولاية، بأن 78 من الجيش بينهم ضابط برتبة مقدم ونقيب واثنين برتبة ملازم قُتلوا في الهجوم، إضافة إلى 10 مدنيين. وتوعد نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبدالرحمن الذي يزور دارفور حالياً باستعادة المناطق التي سيطرت عليها الحركات المتمردة الأسبوع الماضي خلال ساعات. وكشف عن مساعٍ لضم مني أركو مناوي ورئيس «حركة العدل والمساواة» جبريل إلى وثيقة الدوحة لسلام دارفور. وأضاف: «أنا جاهز للقائهما من أجل السلام»، مؤكداً أن حكومته لن تسمح بمنبر جديد للسلام بدلاً من الدوحة. وأعلن نقل مكتبه من الخرطوم إلى نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور لمتابعة الأوضاع هناك. على صعيد آخر، اتفق الرئيس السوداني والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض حسن عبدالله الترابي على عدم استثناء أي حزب من الحوار السياسي وتحديد قضاياه وأجندته لتحقيق المصالحة الوطنية في البلاد. ويقود حزب المؤتمر الوطني الحاكم مشاورات مع الأحزاب في إطار تحرك لجمع الفرقاء السودانيين في منظومة واحدة عبر حوار وطني دعا إليه البشير أخيراً واستجاب له حزب الترابي وزعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي. وحضر لقاء البشير والترابي من جانب حزب المؤتمر الوطني كل من النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح ومساعد البشير، إبراهيم غندور، ومساعدي الرئيس السابقين علي عثمان ومحمد طه ونافع علي نافع وإبراهيم أحمد عمر والأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن ووزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل ووزير النفط السابق عوض أحمد الجاز ورئيس البرلمان الفاتح عز الدين. وحضر اللقاء من جانب حزب المؤتمر الشعبي، نائبا الأمين العام عبدالله حسن أحمد وإبراهيم السنوسي ورئيس البرلمان السابق محمد الأمين خليفة، وبشير آدم رحمة وكمال عمر ثريا يوسف والأمين محمود والسفير نصر الدين محمد أحمد وعلي شمال. وقال مصطفى عثمان إسماعيل إن لقاء البشير والترابي شدد على أهمية بدء الحوار في أسرع وقت ممكن مع الأحزاب والقوى السياسية من دون استثناء.وأوضح إسماعيل أن اللقاء ناقش آليات الحوار وسقفه الزمني والقضايا الملحة التي اتُفق عليها خلال اللقاءات المشتركة للحزب الحاكم مع الأحزاب الأخرى، مشيراً إلى أن البشير سيواصل لقاءاته مع باقي القوى في البلاد. في المقابل، أعلن مسؤول العلاقات الخارجية في «المؤتمر الشعبي» بشير آدم رحمة، استجابة الحزب لدعوة البشير للحوار، مبيناً أن لقاء الترابي- البشير ناقش ضرورة الاتفاق على آليات للحوار وتحديد موضوعاته والمشاركين فيه. وأشار إلى أن اللقاء شدد على ضرورة انفتاح الحوار على كل الأحزاب وحاملي السلاح ومنظمات المجتمع المدني، وأن تلتئم الأحزاب في لقاء جامع لتوحيد الرؤى. وزاد أن «الواقعين المحلي والإقليمي اللذين يواجهان السودان يتطلبان حواراً وطنياً جامعاً يصل إلى مخرجات جيدة لمعالجة قضايا البلاد».