قُتل المدير العام للأمن الجزائري العقيد علي تونسي (76 عاماً) برصاص أحد أبرز مساعديه بعد خلاف بينهما خلال اجتماع لقيادات الشرطة في مقر مديرية الأمن الوطني في العاصمة أمس. وقالت وزارة الداخلية إن الجاني أصيب ب «نوبة جنون» أثناء جلسة العمل التي جمعت المدير العام للأمن مع مدراء مركزيين للشرطة. وأكدت مصادر ل «الحياة» أن الجاني هو العقيد المتقاعد ولطاش شعيب الذي يشرف على الوحدة الجوية للشرطة، ونُقل إلى مستشفى عسكري للعلاج من «إصابات خطيرة» إثر محاولته الانتحار بسلاحه بعد الحادثة. وأشارت إلى أن الاجتماع شهد مشادة كلامية بين الرجلين بعدما سأل ولطاش ضحيته عن تقارير صحافية عن تجميد بعض صلاحياته. وأعلنت الداخلية في بيان أن مدير الأمن قتل عندما أطلق أحد معاونيه عليه النار خلال اجتماع في مكتبه، لكنها لم تحدد هوية الجاني الذي قالت إنه «أحد إطارات الشرطة ويبدو انه تعرض لنوبة جنون»، فاستعمل سلاحه «وأردى العقيد علي تونسي قتيلاً قبل أن يوجه السلاح صوب نفسه ليصاب بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى». وأشاد البيان بالراحل «الشجاع الذي أفنى حياته لخدمة الوطن ومكافحة الإرهاب طوال السنوات ال 16 الماضية (وبدوره في) عصرنة الأمن الوطني». ودعا وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني «مستخدمي المديرية العامة للأمن الوطني كافة إلى الحفاظ على الحركية التي باشرها الفقيد في مهامهم بما يخدم المؤسسات». ويقول مقربون من الفقيد أن العقيد شعيب كان من أبرز أصدقاء تونسي الذي كلفه تولي تدريب فرق الوحدات الجوية التابعة للشرطة، في سياق مشروع بدأ قبل سنوات لإدخال مئات المروحيات في عمل الشرطة لتسهيل تنقل الوحدات المرورية والدوريات وفرق البحث ومتابعة الجريمة. ولم تؤكد السلطات أنباء تحدثت عن جروح «غير خطيرة» أصابت 13 من قيادات الشرطة في الاجتماع، بينهم رئيس الأمن الولائي للعاصمة ومدير الديوان في المديرية العامة للأمن الوطني. ورجحت مصادر ارتفاع عدد الجرحى بسبب تبادل النار مع الجاني. وكشفت مصادر قريبة من مديرية الشرطة ل «الحياة» أن الجاني دخل الاجتماع أمس «غاضباً» من تقارير تحدثت عن «التحقيق في صفقات أتمها على مستوى وحدته، إذ اشتبه العقيد تونسي في وجود حالات فساد تستدعي التدقيق». وأوضحت أنه أبلغ تونسي «اعتراضه على تجميد صلاحياته في تسيير الإدارة، قبل أن يصاب بنوبة جنون (غضب) جعلته يوجه سلاحه إلى القائد العام» للشرطة. وتوافد مسؤولون كبار مساء أمس إلى مقر إقامة الفقيد في بن عكنون، وأغلقت مصالح الأمن بعض الممرات المؤدية إلى المكان. وتونسي من الضباط السابقين في جهاز مخابرات الثورة «المالغ» الذين لم يتقاعدوا من الخدمة في أجهزة الدولة. وعرف باسم «سي الغوتي»، كما كان يدعى خلال حرب التحرير. والتحق بالثورة العام 1956 مع نحو 70 طالباً، وقاتل في جبال الولاية التاريخية الخامسة في منطقة الغرب لمدة ثلاث سنوات، ثم سُجن بعدها لمدة سنتين. وعين الرئيس اليمين زروال تونسي على رأس الأمن الوطني، بعدما ترك الخدمة قبل ذلك بعشر سنوات في صفوف المخابرات برتبة عقيد، وهو أحد الاعتبارات التي لأجلها اختير لتأهيل جهاز الشرطة ليندمج في الحرب الجديدة على الإرهاب آنذاك. فاستحدث تونسي إدارة مركزية لمكافحة الإرهاب مرتبطة به شخصياً، وارتكز على ثلاثي الاستعلامات العامة والفرق المتنقلة للشرطة القضائية ووحدات الأمن الجمهوري لقيادة الحرب الجديدة التي نجحت في أقل من سنتين في تطهير العاصمة تماماً من عشرات الخلايا الإرهابية، وانتهت باصطياد آخر أمراء «الجماعة الإسلامية المسلحة» (الجيا) نور الدين بوضيافي حياً في باب الزوار في العاصمة. - الجزائر: اغتيال المدير العام للأمن بيد أبرز مساعديه