غداة التغيير الأمني الكبير الذي أطاح بمسؤول الاستخبارات الجزائرية الفريق محمد مدين (توفيق) بعد 25 سنة من توليه المنصب، رأى أغلب المعلّقين أن الجزائر باتت على أبواب مرحلة سياسية جديدة قد تطلقها رئاسة الجمهورية بشكل يتيح للرئيس عبد العزيز بوتفليقة اختيار خليفته من دون حاجة إلى إجماع جهاز الاستخبارات كما كان يحصل في السابق. ونصّب نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، رسمياً اللواء بشير طرطاق (عثمان) على رأس دائرة الاستعلام والأمن (الاستخبارات). وعلّقت صحف جزائرية على رحيل الفريق محمد مدين المشهور بالجنرال «توفيق» من قيادة الاستخبارات بأنه يشكل «نهاية حقبة» في تاريخ الجزائر دامت ربع قرن. بيد أن أغلب السياسيين فضّلوا ترقب خطوات الرئاسة من بعد تنصيب طرطاق خلفاً لتوفيق على رأس جهاز لم يبق له من الصلاحيات غير الاستعلامات الخارجية والأمن الداخلي وكلاهما مرتبط مباشرةً بقيادة الأركان. وقال الناطق باسم حزب طلائع الحريات المعارض أحمد عظيمي: «من الطبيعي أن يذهب أي مسؤول إلى التقاعد، لكن السؤال هو ما الهدف من كل هذه التغييرات التي تجري على جهاز الاستخبارات في الفترة الأخيرة؟». وأضاف أن «هناك تحاليل عديدة وتخمينات لا يمكن الاعتماد عليها لفهم ما يجري، لغياب الشفافية في تسيير الدولة». وعلّق رئيس حركة مجتمع السلم (إخوان مسلمين) عبد الرزاق مقري على الخطوة قائلاً: «تغيير الأشخاص لا يعني بالضرورة تمدين النظام السياسي، تمدين نظام الحكم معناه الفصل بين السلطات وعدم تدخل الجهات الأمنية والعسكرية في الموازين السياسية والحزبية». وخصصت الصحف الجزائرية أمس، عناوين صفحاتها الأولى لنبأ إنهاء مهام رئيس دائرة الاستعلام والأمن وكتبت صحيفة الخبر في صفحتها الأولى عنواناً كبيراً: «الجنرال توفيق.. نهاية الأسطورة»، مرفقاً بصورة مرسومة للجنرال يحمل «سيجاراً» وهو أمر لم يحدث أبداً طيلة 25 سنة امتنعت خلالها الصحف عن نشر أي صورة للرجل «الخفي». وعلقت صحيفة الشروق على «رحيل الجنرال اللغز» بأنه «نهاية مرحلة عمرها ربع قرن». ولاحظت صحيفة «ليبرتي» أنه «يبدو في الوهلة الأولى أن الأسطورة سقطت من دون ضجيج أو تداعيات» على جهاز تغلغل في كل المؤسسات السياسية والاقتصادية في البلاد.