توافدت مجموعات من اللبنانيين إلى وسط العاصمة بيروت مرة جديدة اليوم (الأربعاء) للتظاهر ضد فساد الطبقة السياسية التي بدأ أقطابها تحت ضغط الشارع، جلسة حوار للبحث في الشلل السياسي والمؤسساتي. وبدأت الحركة الاحتجاجية في لبنان على خلفية أزمة نفايات تكدست في الشوارع ولم تتمكن الحكومة بعد شهرين من حلها، وتهاجم الحملة «فساد الطبقة السياسية» وعجزها عن التعامل مع مشكلات معيشية مزمنة. ودعت منظمات المجتمع المدني التي تقود التحرك إلى تظاهرتين اليوم، الأولى نهاراً لترافق جلسة الحوار التي جمعت قادة سياسيين في مقر البرلمان والثانية الساعة 18 مساء. وتترافق التظاهرات والحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع تدابير أمنية مشددة، إذ انتشر المئات من عناصر قوى الأمن منذ الصباح الباكر في شوارع وسط بيروت، وأقفلت الطرق المؤدية جميعها إلى البرلمان بحواجز معدنية ثقيلة وأسلاك حديد. وأقدم عشرات الناشطين والمتظاهرين على مهاجمة مواكب لسياسيين بالبيض والشعارات المنددة. ونتجت أزمة النفايات من إقفال مطمر رئيس للنفايات جنوب العاصمة وانتهاء عقد شركة مكلفة جمع النفايات من دون التوصل إلى إبرام عقد جديد. ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات في شكل متقطع من بيروت والمناطق وترمى في أماكن عشوائية من دون معالجة وفي شروط تفتقر إلى أدنى معايير السلامة الصحية. وتتألف الحكومة من مجمل الأطراف السياسية في البلاد، وتتحدث تقارير عن تمسك الكثير من السياسيين بالحصول على حصص وأرباح من أي عقود خاصة بجمع النفايات، وعن استخدام البعض الآخر الأزمة للابتزاز لتحقيق مآرب سياسية معينة. وأضيفت أزمة النفايات إلى الأزمة السياسية الناجمة عن شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ أيار (مايو) 2014، وعن توترات أمنية متقطعة على خلفية النزاع في سورية المجاورة، ما أعطى مجلس النواب ذريعة لتجديد ولايته للمرة الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 حتى حزيران (يونيو) 2017. وأعلن رئيس الحكومة تمام سلام قبل دخوله البرلمان للمشاركة أنه دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء الساعة 17 من بعد ظهر اليوم (14 بتوقيت غرينتش) للبحث في أزمة النفايات بعدما توصلت لجنة وزارية إلى وضع خطة لحلها. وقال: «نتمنى أن نبني على القرار الذي توصلت إليه اللجنة، للدخول إلى الحلول الجذرية وإنقاذ البلد من النفايات وإراحة الناس وإشاعة جو من الثقة». وذكر مشاركون في حوار اليوم أن البند الأول على جدول أعمال الجلسة هو انتخاب رئيس، ولو أن معظمهم لا يعولون كثيراً على خروجه بنتيجة. وأبرز المشاركين في الحوار إلى جانب بري وسلام، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ممثلاً «تيار المستقبل» والزعيم المسيحي ميشال عون ورئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. ويقاطع «حزب القوات اللبنانية» جلسة الحوار لأنه «مضيعة للوقت»، وفق قول رئيسه سمير جعجع قبل أيام. وأشار جعجع إلى أن لبنان شهد خلال السنوات الماضية أكثر من خمسين جولة حوار وطني خرجت بقرارات لم تنفذ. وسبق ل «حزب القوات» أن رفض المشاركة في الحكومة لدى تشكيلها في شباط (فبراير) 2014. وقبل ساعات من جلسة الحوار، تلقى رئيس الحكومة تمام سلام اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري شدد فيه على «ضرورة أن يلتئم البرلمان اللبناني وينتخب رئيساً في أسرع وقت ممكن بما يتناسب مع دستور لبنان».