في الوقت الذي تنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على معاقبة من «يقوم بالتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة» بالسجن مدة لا تزيد على عام واحد، والغرامة بما لا يتجاوز 500 ألف ريال، إلا أن هذه المخالفة أضحت عادة محمودة لدى مراجعي عدد من الجهات الحكومية، وأطاحت بمسؤولين وأنصفت آخرين، وأعطت المواطن أهمية عند ذهابه لمراجعة أية جهة حكومية. يأتي ذلك فيما أثارت هذه الكاميرا جدلاً واسعاً عندما ظهر أول جهاز هاتف مزوّد بكاميرا تصوير مع بداية الألفية الحالية، وما أثير حول تحريمه وتدخّل جهات حكومية في مصادرته ومنع استخدامه، لتستمر حتى اليوم موثقة وملتقطة خطأ لمسؤول أو زلة لطبيب، كما كانت الكاميرا شاهدة على موقف وزير صحة سابق عندما التقطته أثناء حديثه مع أحد المواطنين لنقل مريض من شمال المملكة إلى إحدى المستشفيات المتخصصة في الرياض، فيما أنصفت مسؤولاً في الشؤون الصحية في منطقة نجران، وجردت آخرين من سلطة المنصب. وأجمع عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» على أن دور كاميرا الهاتف المحمول أضحى رقابياً وأهميته تُضاهي أية جهة رقابية، مشيرين إلى أن نقل تقصير المسؤول أثناء تأدية العمل لا يُعد تشهيراً، مرجعين ذلك إلى كونه مقصراً ويستحق العقوبة، ويقتصر دور كاميرا المحمول على إيصال الحدث إلى رأس الهرم على حد وصفهم. وزادت حدة التعليقات على تلك المقاطع التي يتم تداولها بين حين وآخر لمسؤول يطرد مواطناً أو يتعامل بفوقية مع آخر، إذ سجّلت الكاميرات الهاتفية خلال الأعوام الماضية ثلاثة مسؤولين في السعودية بمرتبة تصل إلى «وزير» أحياناً يحيط المواطنون بهم، مثيرة في حينها عاطفة الرأي العام من خلال إساءة تعامل المسؤولين، ويأتي السفير السعودي السابق في مصر هشام ناظر ووزيرا الزراعة والصحة السابقان فهد بالغنيم وأحمد الخطيب في رأس القائمة، إضافة إلى مسؤولين بدرجة أقل وموظفين عموميين، كما حدث في اليومين الماضيين إعفاء وكيل أمانة الطائف، ومدير مستشفى في ينبع، ووكيل مدرسة في الحدود الشمالية. وعلى رغم مشاركة كاميرات الهاتف المحمول في العمل الرقابي إلا أن غياب الرقيب الحقيقي لايزال يسجّل علامات الاستفهام الكبرى لدى مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، مبدين إعجابهم برقابة الكاميرا، ومتأسفين على غياب الرقيب الحقيقي. من جهته، أكد الاختصاصي القانوني سالم آل زلفة، أن تصوير المسؤولين أثناء تأدية مهامهم الرسمية يعد خرقاً لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وانتهاكاً للخصوصية، مبيناً أن من يصيبه ضرر أو تشهير جراء عملية التصوير ونشر مقاطع الفيديو يمكنه اللجوء إلى الجهات الرقابية وبعدها إلى القضاء لمعاقبة مصوّر وناشر المقطع. وأفاد في حديثه إلى «الحياة» بأن ما يحدث هو انتهاك للخصوصية وإساءة استخدام للهاتف النقال من طريق التشهير، لافتاً إلى أن المادتين الثالثة والسادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية تُجرم هذه الممارسات، ومضيفاً: «لا يجوز للجهة الإدارية اتخاذ أي جزاء بحق أحد موظفيها بسبب مقطع فيديو إلا بمسوغ مشروع ونظامي، فلا تجريم إلا بنص».