لعل واحدة من الأوراق التي نجحت في الإتيان بجديد حول الشاعر محمد الثبيتي وقُدمت ضمن ملتقى جائزة محمد الثبيتي، الذي اختتم فعالياته أخيراً، الورقة التي قدمتها الدكتورة أمل القثامي، وتطرقت فيها إلى تفاصيل شخصية على مقدار كبير من الفرادة، تكشف جوانب مهمة وحيوية في شخصية الراحل وفي علاقته بأسرته. لم تلجأ القثامية، كما تسمي نفسها، إلى قراءة نقدية في منجز الثبيتي، تعيد إنتاج ما أنتج سابقاً، إنما ذهبت إلى الشخصي والحميم في شخصية شاعر يعد اليوم أهم شاعر شهدته هذه البلاد. فمن عنايته بوالده وشقيقاته، إذ كان يعتني بهم ويدفع إيجار المنزل عنهم، ويسافر بهم إلى العاصمة الرياض للعلاج، إلى زوجة الشاعر، التي كانت تقول إنها تغار عليه من المعجبات بالشعر في بداية الأمر، وأيضاً إعجابه بالشاعر نزار قباني وتسميته أحد أبناءه نزاراً، إلى عرضها رسوماته وشخبطاته، مشيرة إلى أنه كان يكسر صورة المثقف في بيته، بسماعه لأغاني شعبية مثل «يا سعد لو تشيب العين ما ني بشايب»، انطلاقا من حب بنتيه شروق وهوازن لهذه الأغنية. وتوقفت القثامي عند عشق الثبيتي اللون الأحمر، لافتة إلى أن أكثر مقتنياته الشخصية كانت تحمل اللون الأحمر، ومنها سيارته، وأكواب القهوة كذلك. وذكرت أنه كان يصنع قهوته بنفسه. وعن طقوسه في الكتابة، قالت إنه كان يكتب بالقلم الرصاص، وأنه غالباً ما كان يحمل مسبحة في يده، ويتجول بسيارته لساعات طويلة قبل الكتابة. وعرضت القثامي مقتنيات شخصية ومخطوطات ورسوماً للشاعر. ومما قالته الدكتورة أمل، في ورقتها: «الثبيتي يجتاز النواميس ويختال اختيالاً»، التي لقيت إشادة كبيرة من الحضور في الملتقى: (إنه من السهل قراءة النص مجرداً، ولكن من الصعب قراءة المبدع نفسه كإنسان). وفي الندوة، التي أدارها الإعلامي خالد قماش، قال الدكتور سعيد السريحي إن احتفاءنا بالشاعر محمد الثبيتي «هو احتفاء بأنفسنا بأن بلغنا نضجاً بأن نقيم هذه التجربة ونحتفي بها، وهي إعادة لقراءة هذا الإرث»، متطرقاً إلى ثراء معجم الشاعر، وإلى إيمانه بالترقي في منازل الشعر. وذكر السريحي أن الشاعر محمد الثبيتي، «غامض غموض شعره، لديه عمق خفي في قصائده». ومن الأوراق التي شهدها ملتقى جائزة الثبيتي، ورقة قدمها الدكتور عبدالعزيز الطلحي، الذي تحدث عن الغربة والاغتراب في شعر الثبيتي، متناولاً قصائد له، مشيراً إلى محاولاته في كتابة النص الحر. وتحدث الدكتور عالي القرشي عن فوز الثبيتي بجائزة عكاظ، وهو لم يتقدم للجائزة، إذ هي إليه، موضحاً أن الدكتور جريدي المنصوري ذهب إلى منزل الراحل ليقنعه بقبول الجائزة والموافقة عليها. وتناول الدكتور هاجد الحربي الأسطورة وأهميتها ومكانتها في شعر الثبيتي. وقال إن الإبداع العربي لم يعرف الأسطورة إلا في العصر الحديث وفي الشعر المعاصر، وأن الشعر العربي كان شعراً غنائياً ولم توظف الأسطورة فيه كما ينبغي، وأن استعمال الأسطورة بدأ عربياً في الشعر العراقي الحديث. ثم تحدث عن مميزات الثبيتي في توظيفه الأسطورة، وقال إن الثبيتي «يختلف عن أي شاعر سعودي؛ لأنه صاحب مشروع ثقافي ورؤية فكرية، وبقي يدافع عن فكرته ويناضل من أجلها. وتطرق الدكتور عبدالحميد الحسامي إلى خصائص البناء الأسطوري، في شعر محمد الثبيتي، مما قاله إن التأمل في المتن الشعري للثبيتي، «يجد أنه ينزع للتجريب المستمر على مستويي الرؤية والبناء، ويحاول تجاوز نفسه، ومن ذلك ما نلمسه في تنوع بنائه للأسطورة». وتحدث الحسامي عن التنوع في تقنيات البناء لدى الثبيتي.