سلط المشاركون في ندوة الشاعر محمد الثبيتي التي اقيمت صباح يوم أمس الأربعاء بفندق مريديان الهدا بالطائف ضمن ملتقى جائزة الشاعر محمد الثبيتي في دورتها الثانية على التجربة الشعرية والجوانب الإنسانية للشاعر المحتفى بجائزته, والتي يقيمها نادي الطائف الأدبي الثقافي, حيث أدار الندوة الإعلامي والشاعر خالد قماش, وشارك بها الدكتور سعيد السريحي, والدكتورة أمل القثامي, والدكتور عبدالعزيز الطلحي. قال سعيد السريحي أن احتفائنا بالشاعر محمد الثبيتي هو احتفاء بأنفسنا بأن بلغنا نضجا بأن نقيم هذه التجربة ونحتفي بها, وهي إعادة لقراءة هذا الإرث, حيث تشك في بعض المواضع بأن الثبيتي شاعرا جاهليا, فهو شاعر تراثي, قصائده كما قال بشار أعرابية, فمعجمه ثري جدا, يؤمن بالترقي في منازل الشعر, ويضيف السريحي بأن الشاعر محمد الثبيتي غامض غموض شعره, لديه عمق خفي في قصائده, وقال بأنه زار الثبيتي في مكتبته بمنزله في مكة ووجدها متنوعة ثقافيا ومعرفيا, حيث لا تخلوا من دواوين الشعر كأي شاعر, وبجانب الإطلاع ليس من جانب التخصص على الكثير من العلوم الأخرى, حيث يشكل التاريخ جزء كبير من مكتبته, والعلوم العربية كالنحو والصرف والتي يوشك المتخصصون الإنصاف عنها والروايات والأساطير, والأديان, ويذهب السريحي إلى القول بأن هذا التنوع والثراء المعرفي أثرى تجربة الثبيتي وعمقها بهذا الشكل الجميل. وذكرت الدكتورة أمل القثامي في ورقتها (الثبيتي يجتاز النواميس ويختال اختيالا) أنه من السهل قراءة النص مجردا ولكن من الصعب قراءة المبدع نفسه كإنسان, وقراءة بعض النصوص التي كانت مسودات في أرشيفه الخاص حصلت عليها من أسرة الشاعر, وعرضتها أمام الحضور على شاشة العرض, وتسألت هل هذه النصوص فيها روح الثبيتي, حيث أجابها الحضور بكلمة نعم, ومنهم السريحي الذي قال النصوص السابقة كزجاجة شعر الثبيتي سقطت وتناثرت في المكان فهي بالطبع له, وعرجت القثامي على إنسانية الثبيتي وعنايته بوالده وشقيقاته, وكيف كان يعتني بهم ويدفع إيجار المنزل عنهم ويسافر بهم إلى العاصمة الرياض للعلاج, وتحدثت كذلك عن زوجة الشاعر, في ورقة (موزة) التي كانت تقول أنها تغار عليه من المعجبات بالشعر في بداية الأمر, وعن إعجابه بالشاعر نزار قباني وتسميته لأحد أبناءه بنزار, وعرضت الدكتورة أمل رسومات وشخبطاته وكيف كان يكسر صورة المثقف في بيته بسماعه لأغاني شعبية مثل يا سعد لو تشيب العين ما ني بشايب, لحب بناته شروق وهوازن لهذه الأغنية, وكذلك عشقه للون الأحمر حيث ذكرت القثامي بأن أكثر مقتنياته الشخصية كانت باللون الأحمر ومنها سيارته, وأكواب القهوة كذلك, وأنه كان يصنع قهوته بنفسه, وبالنسبة لطقوسه الكتابية كان يكتب بالقلم الرصاص, وغالبا ما ينظر إلى السق ويحمل مسبحة في يده ويتجول بسيارته لساعات طويلة قبل الكتابة وعرضت بعض المقتنيات الشخصية المخطوات والرسوم للشاعر . أما الدكتور عبدالعزيز الطلحي فقد تحدث عن الغربة والاغتراب في شعر الثبيتي, معنونا ورقته ب(النجم الغريب سيرة في اتجاه القصيدة), من خلال قراءة بعض القصائد وتحليلها وغربة المكان وغربة النموذج, ومحاولاته في كتابة النص الحر وبداياتها ومقاربته لها, من خلال نص على سألقاك يوما, مرثية القصيدة, وقصائد أخرى.وكان من أبرز المداخلات مداخلة الدكتور عالي القرشي حيث كر أن الشاعر محمد الثبيتي أول فائز بجائزة عكاظ منذ إعادة إحياءه وذكر أنه لم يتقدم للجائزة بديوان أو بطلب رسمي بل إن الجائزة هي التي جاءت إليه حيث ذهب الدكتور جريدي المنصوري إلى منزله ليقنعه بقبول الجائزة والموافقة عليها وقال القرشي بسبب ما نعلمه من نزق محمد الثبيتي خشينا أن نعلن فوزه ثم يرفضها هو وتسائل في حديثه قائلا لماذا يحرم الثبيتي من نادي مكةالمكرمة في زمن ليس بقصير وهم يعلمون قدره وقدرته على تشكيل اللغة وقال ألم يئن الأوان لوقفة محاسبة ومسائلة لمن تجاهله في تلك الأيام ؟ ثم تداخل كل من الدكتور يوسف العارف والأستاذة مشاعل العتيبي وخال الشاعر محمد الثبيتي الأستاذ علي خضر الثبيتي مستذكرا ذكريات طفولته وطفولة الدكتور عائض الثبيتي مع سيد البيد. وفي الندوة الثانية المعنونة بالأسطورة في شعر الثبيتي والتي أدارها الدكتور خالد الغامدي من قسم اللغة العربية بجامعة الطائف تحدث الدكتور هاجد الحربي عن الأسطورة وأهميتها ومكانتها وقال أن الإبداع العربي لم يعرف الأسطورة إلا في العصر الحديث وفي الشعر المعاصر بل كان الشعر العربي شعرا غنائيا ولم توظف الأسطورة فيه كما ينبغي وأن أول من استخدم الأسطورة بدأ عربيا في الشعر العراقي الحديث تحديدا ثم تحدث عن الثبيتي كشاعر وتحدث عن مميزات الثبيتي وتوظيفه في الأسطورة حيث قال إن الثبيتي يختلف عن أي شاعر سعودي لأنه صاحب مشروع ثقافي ورؤية فكرية ضل يدافع كن فكرته و يناضل من أجلها وقرر الحربي أن الثبيتي شاعر تراثي ولكنه شاعر ينطلق من التراث ولا ينطلق إليه . ثم تحدث أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك خالد الدكتور عبد الحميد الحسامي في ورقته التي عنونها ب خصائص البناء الأسطوري في شعر محمد الثبيتي : حيث قال إن التأمل في المتن الشعري للثبيتي يجد أنه ينزع للتجريب المستمر على مستويي الرؤية والبناء، ويحاول تجاوز نفسه، ومن ذلك ما نلمسه في تنوع بنائه للأسطورة، حيث حدد هذا التنوع في الجوانب التالية : التنوع في مصادر الأسطورة: كأساطير الحضارات القديمة ومنها المصدر العربي الإسلامي حيث شخصت في الشخصية الدينية والشخصية الصوفية وشخصيات الحكايات الشعبية والمصدر الذاتي أو الأساطير المصنوعة ، ثم تحدث عن التنوع في مظاهر حضور الأسطورة في النص عند الثبيتي حيث قال ليس للأسطورة في البناء الشعري شكل واحد؛ فقد يتخذ الشاعر أكثر من مظهر في تناوله الأسطوري، منها ما ينتمي إلى الحدث السردي، ومنها ما يتعلق بالأسطورة باعتبارها فكرة أو تصورًا أو طقسًا، ومنها ما يتعلق بالشخصية الأسطورية. فالحدث الأسطوري نجده في مثل قول الشاعر عن ( البابلي) مات ثم أناب عاد إلى منبع الطين معتمرًا رأسه الأزلي" فتتولد الأسطورة من الحدث الأسطوري، المتعلق بجدلية: الموت والعودة، أو الحدث المتعلق بارتحال جلجامش كما أسلفنا . كذلك الطقوس : الرقص، والشراب، والغناء، والتراتيل... طقوس متعلقة بالأساطير، وتعدُّ مظهرًا من مظاهر تجلي الأسطورة في شعر الثبيتي. " يا من شربت وإياك نخب البطولة / صرفًا / على رقصات السيوف . وأما ما يتعلق بالشخصية الأسطورية فقد رأينا كيف تمكن الثبيتي من استدعائها أو صناعتها، ولا داعي للإطالة وتكرار الشواهد الدالة. وتتجلى الأسطورة من خلال الأفكار والموتيفات مثل: فكرة التحدي، وفكرة توالي الأزمات والحلول كما في نص( البابلي) ، وفكرة التجدد كما في نص (شهر زاد...) ، وفي (تغريبة القوافل والمطر)، وفكرة المغامرات البطولية كما نجدها في نص (الصعلوك)، ونص (أيا دار عبلة عمت صباحًا). وتحدث الحسامي عن التنوع في تقنيات البناء لدى الثبيتي حيث قال يتوسل الثبيتي بعدد من التقنيات لتشييد عالمه الأسطوري منها القناع والحواروالحلم ، وذكرَ الدم، والتحول، والانتصاب، وقال هذه ثلاث مفردات تحيل على أسطورة الخصب؛ تتعاقب في النص ثلاثة أسئلة، وثلاثة أجوبة ترتقي بالفضاء الأسطوري، وتضفي على النص حيوية متجددة، وتكمل المشهد الأسطوري الذي يبدأ من العنوان، ولا ينتهي بنهاية النص بل يفتح آفاق التأويل لدى المتلقي. هذا الحوار الذي يسهم في تحقيق البعد الأسطوري في النص تحدث في نهاية ورقته عن الحشد والمزج الأسطوري المعجم الأسطوري لدى الثبيتي مستشهدا بمقاطع من نصوصه ، وفي نهاية الندوة قام رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بالطائف الأستاذ عطا الله بن مسفر الجعيد بتكريم النقاد المشاركين ومدير الندوة .