ترى اوساط فرنسية مسؤولة في باريس انه اذا كان لدى طهران نية ورغبة في ترجمة الاتفاق النووي مع الدول الست على صعيد التعاون الاقليمي مع ايران، فلبنان الموضوع الأسهل لاختبار ذلك في العلاقة الفرنسية - الايرانية لأن كلفته على الايرانيين ليست مرتفعة. وتترقب الأوساط نفسها اللقاء مع الرئيس الايراني حسن روحاني عندما يقوم بزيارة رسمية الى باريس في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل حيث يحضر المؤتمر العام ل»يونيسكو» واللقاءات المرتقبة بين وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس ونظيره الايراني محمد جواد ظريف في نيويورك في الشهر الجاري على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة التي يلتقي ايضاً خلالها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نظيره الايراني حسن روحاني. وترى باريس ان القوى المعنية في لبنان والسعودية وفرنسا موافقة على ضرورة انتخاب رئيس لجمهورية لبنان بالتسوية بأصوات ثلثي المجلس النيابي، باستثناء ايران التي تبرر موقفها على لسان وزير الخارجية ظريف بأنها «مسألة سيادية في لبنان». وكان لبنان بنداً اول خلال زيارة فابيوس الى طهران، وتحدث حول الموضوع مع نظيره السعودي عادل الجبير الاسبوع الماضي. وترى المصادر ضرورة انتخاب الرئيس اللبناني لأن مهمته مؤسساتية وهو ليس فقط ممثل للمسيحيين. وتضيف ان الانطباع السائد لدى المراقبين الخارجيين ان المسؤولين في لبنان يتصرفون كأنه لم تعد هناك ضرورة لانتخاب رئيس وهذا خطأ كبير. فالأوساط القريبة من رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون تتحدث عن ضرورة انتخاب «رئيس قوي يمثل تياراً مهماً من المسيحيين»، في حين ان غياب الرئيس يعطل الامور والبرهان ما يحدث حالياً في الحكومة. وتعتبر باريس ان على الايرانيين ان يبرهنوا عن رغبتهم بالمساهمة في حل ازمات المنطقة ولبنان اسهل القضايا لأن سورية في حرب واليمن والعراق في حرب ولبنان ليس في حرب. ويكفي ان يوافق «حزب الله» على التفاوض مع الطرف الآخر على انتخاب رئيس تسوية بتأمين نصاب الثلثين. وقناعة جميع المعنيين بالملف اللبناني ان عون لن يحصل على ثلثي الاصوات الا في اطار اتفاق كبير بين «حزب الله» و»تيار المستقبل»، وهذا لم يحدث على رغم حوار مستمر منذ نحو سنة. ولو وافق «حزب الله» على تسوية مع الطرف الآخر على الرئيس لن يخسر شيئاً فيبقى الحزب الأقوى وممثل الطائفة الأكبر ويبقى الحزب المسلح وعندئذ عليه ان يعوض لعون بأمور أخرى لأن عون مهم في معادلة «حزب الله» لأنه من دون تغطية مسيحية مهمة سيكون «حزب الله» مجرد ميليشيا شيعية. وترى الاوساط ان التحركات الشعبية التي تجري في بيروت ليست تحركات سياسية منظمة. فالشعب اليوم يواجه المؤسستين الفاعلتين في البلد: الجيش وقوى الأمن وهذا خطير للجميع لأنه اذا تحول غضب الشعب على قوى الأمن والجيش لن يبقى الكثير في البلد، ما يؤدي الى هشاشة الوضع، فإن حصل في لحظة خطأ ما في الحسابات قد تنتهي الأمور الى الأسوأ. وترى الاوساط ان العالم الخارجي تراجع اهتمامه بلبنان حالياً باستثناء فرنسا التي حرصت على عقد اجتماع للداعمين للبنان في نيويورك مع تأكيد حضور وزير خارجية الولاياتالمتحدة جون كيري والامين العام للامم المتحدة، كما ان هولاند يريد زيارة لبنان في غضون أشهر في تحرك يكون مفيداً. ويريد هولاند وفابيوس اختبار العلاقة مع ايران حول الموضوع اللبناني. وترى الاوساط ان «حزب الله» لن يترك عون لأنه في حاجة له ولكنه لا يتبنى كل أجندته وسياسته حول الرئيس المسيحي القوي، إلا أن مواقف عون تعزز قدرة «حزب الله» على التعطيل.