الجميع يشاهد ما يعتري الشوارع من فوضى واختناقات مرورية وسرعة زائدة، ويقابل ذلك غياب أو لنقل شح في الأفراد العاملين في المرور، وكان الواجب أن يتم إيجاد حلول ناجعة وسريعة لمواجهة ذلك. ما أود أن أصل إليه، أن اختناقات الشوارع يتضرر منها الجميع، والسرعة الزائدة لا يقتصر ضررها على السائق المخالف، والأمر ينسحب أيضاً على من يعكس السير ويقطع الإشارة، وكان الأولى الاهتمام بمثل هذه المخالفات والعمل على عدم حدوثها، وليس فقط معاقبة مرتكبيها. علاوة على ما سلف هناك مخالفات يتضرر منها الجميع، ونلاحظ أن المرور لا يهتم بها، أو أن العاملين الميدانيين لا يعلمون أنها مخالفات، وفي مقدمها إيقاف السيارات على جانبي الطريق في شكل يعوق حركة السير، والالتفاف المفاجئ بين المسارات، وغيرها من الممارسات التي تزيد في الاختناق المروري. وعلى رغم كل ما سلف فإن اهتمام أفراد المرور ينصب على صلاحية رخصة السير واستمارة السيارة وربط حزام الأمان، وقلما تجد سائقاً سلم من مثل هذه المخالفات، مع أنها مخالفات إجرائية، فمن يحمل رخصة سير فهو يعرف كيفية القيادة، سواء انتهت مدة الرخصة أم لا. لا أطالب هنا بترك الحبل على الغارب وعدم تطبيق العقوبات على مثل هؤلاء، ولكن لنكن واقعيين، فمشكلاتنا المرورية أكبر من ذلك بكثير. دعوني أضرب مثلاً، في إحدى المرات وعندما كنت على طريق مكةالمكرمة السريع في طريقي إلى المزاحمية وبعد أن تجاوزت حي الدخل المحدود سلكت طريق الخدمة لتعبئة سيارتي بالوقود وفوجئت بكثرة السيارات التي خرجت للتو من مقهى في محطة الوقود، وهي تعكس حركة الطريق باتجاه حي الدخل المحدود، اختصاراً من السائقين للمسافة، ولا أخفيكم أنني كدت أفقد حياتي بسبب إحدى تلك السيارات. في تلك اللحظات كانت هناك نقطة تفتيش مرورية بالقرب من نادي النصر في حي الدخل المحدود، وكان أفراد المرور يسألون الجميع عن الرخصة والاستمارة وربط حزام الأمان. للعلم كانت المسافة بين نقطة التفتيش ومحطة الوقود لا تتجاوز خمسة كيلومترات. ترى ماذا تتوقعون من إدارة المرور وأفرادها؟ يسألون عن الرخصة والاستمارة بينما في موقع مجاور هناك من يهدد حياة الآخرين! هذا ما أقصده، وهذا هو ما يؤرق السائقين، وهذا هو ما يجعلنا لا نتفاءل بحلول قريبة، وهذا هو ما يجعلنا نستغرب مضاعفة الغرامات من دون اهتمام بالآليات والنتائج. إن المطلوب من الإدارة العامة للمرور ألا تتعامل مع المخالفات المرورية بميزان واحد، فشتان بين إهمال إجرائي وتهديد لحياة الناس، بل إنني أطالب بسجن قاطع الإشارة والذي يتجاوز السرعة القانونية ومن يعكس السير وعدم الاكتفاء بالغرامات، وفي الوقت نفسه يجب أن نعي أن هناك من المواطنين من يعجز عن تجديد رخصة السير والاستمارة لظروفه المالية، وأقل واجب تجاه هؤلاء عدم الضغط عليهم بغرامات تزيد أوجاعهم وتضاعف معاناتهم المعيشية.