بعد الأزمات المادية التي لحقت بالعرض الأول لبعض مسلسلات رمضان، توقعت شركات الإنتاج أن يكون العرض الثاني بمثابة فرصة لتعويض خسارتها المادية، ولكن يبدو أن الأوضاع ستكون صعبة أيضاً. إذ فشل بعض شركات الإنتاج في تسويق العرض الثاني لأعمالها بسبب تخوّف الفضائيات من شراء المسلسلات، في ظلّ تراجع منطقي للإعلانات بعد شهر رمضان بنسبة أكثر من ستين في المئة، وكذلك عودة برامج «التوك شو» التي توقفت في الشهر الكريم وانشغال الجمهور بافتتاح قناة السويس وعدد من الأمور السياسية الأخرى، وعلى رغم ذلك، فإنّ بعض المسلسلات التي نجحت جماهيرياً في رمضان ستكون الأوفر حظاً في إعادة تسويقها. ويتوقع عدد من المنتجين أن تكون خسائر صناعة الدراما عام 2015 ما يقرب من 300 مليون جنيه في حال عدم شراء الفضائيات حقوق عرض المسلسلات، بخاصة أنّ العرض الأول لم يحقق العائد المرجو، كما أنّ هناك مستحقات لم يتم تحصيلها بعد من الفضائيات التي اشترت الحقوق الحصرية في شهر رمضان، وكان نظام التقسيط هو المفضل بالنسبة إليهم. شددت الفنانة مي سليم التي عرض لها في شهر رمضان مسلسلا «حواري بوخارست» و «ولي العهد»، على أهمية العرض الثاني لأعمال دراما رمضان لأن بعضها لم تتمّ مشاهدته بتركيز، علماً أنه يستحق أن يتابعه الجمهور. وطالبت مي شركات الإنتاج والفضائيات بالتعاون معاً من أجل إيجاد حلول للمشاكل المالية الخاصة بالمسلسلات، لأنّ صناعة الدراما التلفزيونية تستحق الدعم ولها قيمة فنية كبيرة. وتوقعت سليم أن يعيد بعض الفضائيات المسلسلات التي عرضها في شهر رمضان، لعدم قدرته على شراء مسلسلات جديدة أو للاستفادة مجدداً من مسلسلات تمتلك بالفعل حقوق عرضها وتحاول تعويض ما أنفقته عليها. ويرى المنتج جمال العدل أن النجاح الذي حققته مسلسلات «تحت السيطرة» و «حارة اليهود» و«بين السرايات» في رمضان جعل المحطات الفضائية التي حظيت بالعرض الأول تطلب عرضها للمرة الثانية، لكنه فضّل عرضها على قنوات أخرى، ومهما تكن كثافة المشاهدة في العرض الثاني، فهي لن توازي الكثافة في شهر رمضان، إلا أن العرض الثاني يعتبر فرصة لعدد كبير من المشاهدين الراغبين في متابعة مسلسلات لم يتمكنوا من متابعتها خلال الموسم الرمضاني. وأضاف العدل: «تُعدّ فرص المشاهدة في العرض الثاني أفضل، لأن المحطات الفضائية لن تشتري كل المسلسلات التي عرضت في رمضان وبالتالي لن تعرض عرضاً ثانياً، وكل ما سيعاد عرضه لن يزيد على سبعة مسلسلات، والنجاح الذي تحققه هذه المسلسلات في العرض الأول يساهم في بيعها للمرة الثانية، لأن من الممكن أن تشتري قناة مسلسلاً معيناً ولا يكون على المستوى المطلوب، لكن عندما تشتري مسلسلاً عرض في رمضان فإنها تعرف مدى إقبال الناس على مشاهدته». وترى الفنانة داليا مصطفى أن بعض شركات الإنتاج يواجه أزمة جدية، بخاصة أنها ملتزمة دفع بقية أجور الفنانين المتعاقدين على أعمالها وهناك مستحقات لها عند الفضائيات التي تقول إنها تنتظر دفع الوكالات الإعلانية المتعاقدة لها لقيمة الإعلانات التي عرضتها على الشاشة طوال شهر رمضان ومن الممكن أن تستمر هذه الأزمة لفترة طويلة وتؤثر سلباً على الأعمال الدرامية المنتجة خلال الفترة المقبلة لأنه لا يوجد منتج سيقبل الخسارة ويكرر تجربة الإنتاج في ظل هذا الكساد الذي يتمنى الجميع أن ينتهي قريباً بالتزامن مع بداية الرواج الاقتصادي الذي ستكون عليه البلاد خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً بعد الدفعة المعنوية التي حدثت بعيد افتتاح قناة السويس الجديدة. وأكد مدير قناة المحور إيهاب أبو زيد، أن عودة برامج» التوك شو» ساهمت بالفعل في قلة اهتمام المشاهد بالدراما التلفزيونية التي عرضت بكثافة طوال شهر رمضان، كما أن هناك تصاعداً للأحداث السياسية والاجتماعية وبالتالي فإن الحال المزاجية للمشاهد ترتبط أكثر ببرامج الأحداث الجارية. وأشار أبو زيد إلى إن العمل الدرامي القوى هو الوحيد الذي يمكن أن يتقبل المشاهد عرضه أكثر من مرة، وبالتالي فإن شركات الإنتاج التي تهاونت في مستوى الأعمال التي قدمتها، عليها أن تتقبل الخسارة وتتحمل مسؤوليتها، وأيضاً على نجوم هذه المسلسلات الذين حصلوا على أجور مبالَغ فيها أن يراجعوا أنفسهم ويدعموا شركات الإنتاج. وأشار أبو زيد إلى أن العرض الحصري أضر بالعديد من الفضائيات «لأنها دفعت مبالغ كبيرة ولم تحقق العائد المادي الكبير، بالتالي فإن خسائرها أكبر بكثير، من الفضائيات التي اشترت عدداً من المسلسلات من دون أن تشترط أن تكون حصرية على شاشاتها. إضافة الى أن الإعلانات لا يمكن أن تغطي كلفة العرض الحصري لمسلسل ممكن أن تصل حقوق شرائه إلى نحو أربعين مليون جنيه في بعض الأحيان».