عاشت الدراما السعودية أربع سنوات "ذهبية" في الفترة ما بين 2006 إلى 2009؛ كان هناك انفجار هائل في الإنتاج واهتمام كبير من قبل القنوات الفضائية بالمسلسل المحلي, حتى أن قناة "المنار" كانت تتواصل مع المنتجين السعوديين بحثاً عن أعمالهم, ومثلها فعلت LBC اللبنانية وفنون الكويتية, إضافة بالطبع للتلفزيون السعودي وMBC, وقناة المجد بالنسبة للمسلسلات المحافظة.. إجمالاً كان الوضع يُبشر بولادة صناعة دراما محلية تستطيع أن تنتج أكثر من 16 مسلسلاً في العام الواحد. وقتها قلنا إن الكرة باتت في ملعب المُنتج السعودي؛ إما أن يُطوّر نفسه ويصنع أعمالاً ممتازة يضمن بها استمرار اهتمام القنوات وبالتالي ضمان السيولة المادية والأرباح, أو أن يستمر في إنتاجه "الهاوي" غير المتقن, والسيئ في بعض الأحيان, ليجد نفسه في النهاية بلا قناة تشتري أعماله ولا مشاهدين يراهنون عليه, وقد قلنا ذلك رغبة في تحذير المنتج السعودي ولفت نظره تجاه حقيقة قد تكون غائبة عنه, وهي أن القنوات لم تهتم به في ذلك الوقت لأنه "مُميّز" بل كان اهتمامها نابعاً من "وهمٍ" مفاده: أن المُعلن السعودي سيلحق بالمسلسل السعودي أينما كان وفي أي قناة, ولما ثبت لهذه القنوات عدم صحة هذا "الوهم" عزَفَت عن شراء المسلسلات بل حتى عن مجرد عرضها مجاناً. إن تأمل الواقع الحالي للدراما المحلية يقول بأن المنتج السعودي لم يستفد من تلك الفرصة, حيث انخفض الإنتاج إلى ست مسلسلات تقريباً, تنتج حصراً لشهر رمضان, منها واحدٌ فقط تنتجه قناة MBC هو "طاش 18", بعد أن تخلّت عن "بيني وبينك" وتنازلت عنه للتلفزيون السعودي, وهذا العدد هو نفسه العدد القديم الذي كانت تنتجه الدراما المحلية قبل الطفرة الأخيرة, أي أننا عدنا إلى نفس المربع الأول والذي لم يكن يوجد فيه سوى قناتين ترعيان الإنتاج المحلي, هما؛ MBC والقناة السعودية الأولى؛ وهما الآن الوحيدتان الفاعلتان في سوق الإنتاج بعد انسحاب بقية القنوات. قناة MBC التي كانت "نجمة" تلك الطفرة الدرامية, بإنتاجها الكبير, وتبنّيها للعديد من النجوم والشباب الصاعدين, تعتبر خير مؤشر على حال الدراما السعودية, فقد قلّ اهتمامها إلى درجة تقليص عدد إنتاجها في رمضان إلى مسلسل واحد فقط, وإيقاف عدد من مشاريعها الدرامية الطموحة, مثل مسلسل "أيام السراب" الذي تم إيقافه عند حدود الحلقة الستين وهو الذي كان مقرراً أن يصور منه مائتي حلقة, وأيضاً إيقاف مشروع "كوميدو" قبل أن يُكمل عامه الأول رغم أنه مصنوع ليكون برنامجاً أسبوعياً دائماً ومُستمراً لسنوات مثل برنامج "سي بي إم" والبرنامج الأمريكي Saturday Night Live.. وقد تزامن إيقافها لتلك الأعمال, مع بداية اهتمامها بالدراما الخليجية, حيث قامت ال MBC الشهر الماضي بالتعاقد مع الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة, كما قامت بالاتفاق مع غانم السليطي لإنتاج الجزء الثاني من "تصانيف". وهذه مؤشرات مهمة تُثبت عدم قدرة المسلسل السعودي على المنافسة في سوق الإنتاج, والأهم من ذلك أنها تُعلن بوضوح أن السنوات الذهبية للدراما المحلية قد انتهت.