سعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس إلى دحض إشاعات عن خلافات بين القاهرة والرياض، مؤكداً أن البلدين «يشكلان جناحي الأمن القومي العربي، وسنظل معاً في مواجهة التحديات». واعتبر أن مشروع توسعة الممر الملاحي لقناة السويس «هدية للعالم تسهم في إثراء حركة التجارة الدولية ودعمها». كما كرر تعهداته انتخاب برلمان جديد قبل نهاية العام الحالي. وحرص السيسي خلال حضوره أمس حفل تخريج دفعات عسكرية شارك فيه ولي ولي عهد السعودية وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان على توجيه رسائل في اتجاهات عدة، فخص ولي ولي العهد في بداية كلمته بالتحية على مشاركته في الاحتفال «التي تأتي امتداداً لمواقف المملكة العربية السعودية المشرفة إزاء مصر وشعبها، واستكمالاً لمسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تطوع للدفاع عن مصر العام 1956، كما دعم المجهود الحربي في حرب العام 1973، وتدليلاً على عزم أكيد وإرادة مشتركة لاستمرار العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً». وخرج السيسي عن الكلمة المكتوبة موجهاً حديثه إلى الأمير محمد بن سلمان قائلاً: «كان لازم تكون معنا في هذا الاحتفال، لأن هذا رسالة قوية جداً إلى شعبينا ورسالة إلى دول الخليج أننا دائماً مع بعضنا. أقدم لك التحية والشكر والترحيب». ونفى ضمناً وجود خلافات بين القاهرة والرياض، قائلاً: «من المهم جداً أن نعلم أنه في الوقت الحالي الذي تمر به منطقتنا العربية، نحن في أحوج ما نكون إلى أن نكون معاً لأن التحديات والتهديدات كثيرة، ولا يمكن أبداً أن نستطيع أن نتغلب على تلك التحديات ونتصدى لها إلا معاً». وأضاف: «في الحقيقة مصر والسعودية هما جناحا الأمن القومي العربي، ومعاً نستطيع أن نجابه تلك التحديات، لذلك فهذه رسالة قوية وواضحة لنا جميعاً، ليس فقط في مصر والسعودية وإنما إلى دول الخليج والدول العربية. لن ترونا إلا معاً». واعتبر أن الدفعات التي تخرجت من كليات عسكرية ومن كلية الشرطة خلال الأيام الماضية «ستنضم إلى صفوف قوات الجيش والشرطة للذود عن الوطن في مرحلة دقيقة تشتد فيها الحاجة إلى جهود أبناء مصر من أجل تحقيق أمنها واستقرار شعبها، والحفاظ على أراضيها ضد أي عدوان خارجي غاشم أو عمل إرهابي جبان يستهدف النيل من الوطن، وفي ظل ظروف إقليمية بالغة الدقة والصعوبة، وتتزامن تلك المرحلة مع حركة نهضوية شاملة على الأصعدة كافة، وهو الأمر الذي يتطلب يقظة أمنية». وحيا «أرواح الشهداء من قوات الجيش والشرطة والمدنيين»، مؤكداً أن «دماءهم التي سالت لتحرير هذا الوطن من أسر الاستبداد والفشل مداد لتسجيل أمجاد وانتصارات لمصر ولأمتنا العربية ولديننا الحنيف». وتطرق إلى الاستعدادات لاحتفال افتتاح مشروع توسعة قناة السويس الذي وصفه بأنه «شريان جديد للملاحة الدولية وقناة دائمة للتواصل والتفاهم الحضاري وإنجاز مبهر نجح المصريون في تحقيقه بعقولهم وسواعدهم وأموالهم، وقدموا من خلاله هدية إلى العالم تسهم في إثراء حركة التجارة الدولية ودعم حركة التجارة والاستثمار ومواصلة مسيرة مصر الحضارية في محيطها الإقليمي وعلى الصعيد الدولي». وأشار إلى أن المشروع يمثل «باكورة المشاريع الوطنية العملاقة»، متعهداً «تدشين مشاريع وطنية جديدة خلال المرحلة المقبلة، تسهم في تحقيق عملية التنمية الشاملة وتوفر فرصاً للعمل وتمنح أملاً جديداً لشباب هذا الوطن، إذ سيتم إطلاق مشروع التنمية لمنطقة قناة السويس ليسهم في تطوير مدن القناة وسيناء وتعظيم الاستفادة من الموانئ المصرية جنباً إلى جنب مع مشاريع وطنية أخرى تشمل توسيع الشبكة الوطنية للطرق ومشروع استصلاح مليون فدان، ومشروع بناء مدن جديدة وتحديث وتطوير مواني النقل البحري وإنشاء مطارات دولية جديدة ومراكز سياحة ومجمعات للصناعات التعدينية واستكمال مشاريع الطاقة والصرف الصحي». وأكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أن أولوية الإعداد لحفل افتتاح التوسعة الجديدة المقرر الخميس المقبل، هي لعملية التأمين. وقال: «سيكون هناك تأمين عالٍ لضيوفنا وأبنائنا من الشعب المصري المشاركين في الحفل. قوات الجيش والشرطة تؤمّن المنطقة براً وبحراً وجواً على أعلى مستوى». ونقل تشديدات السيسي على «الاهتمام بالأمن ثم الأمن ثم الأمن»، مشيراً إلى أن الاحتفال الذي سيبدأ في الساعة الثالثة عصر الخميس المقبل سيعتمد على «مصرية الحدث وقوة مصر، باعتبار أن من موّل المشروع ونفذه هو الشعب المصري، والقناة الجديدة قناة الشعب وملك الشعب، وسنرسل رسالة من خلال الحفل بأن مصر تعود من جديد، وقادرة على التحدي والإنجاز، كما سيتضمن الحفل مسحة عالمية لأن قناة السويس قناة دولية وكل سفن العالم تمر عبرها ويجب إرسال رسالة بأننا قادرون على خدمة العالم كله من خلال الممر الملاحي، كما أننا سنستغل الحفل لإرسال رسالة إلى الاستثمارات الدولية للاستثمار في تنمية الممر الملاحي لقناة السويس وأن مصر قادرة على حماية الاستثمارات وتوفير البنية التحتية للاستثمار وتعود بقوة إلى خريطة الاستثمار الدولية». وكشف تفاصيل اعتزام الحكومة تنفيذ تفريعة جديدة لقناة السويس في شرق مدينة بورسعيد، مشيراً إلى أن الهدف من وراء المشروع «رفع تصنيف ميناء بورسعيد ليكون من أفضل عشرة موانئ في العالم». وقال: «جرى الاتفاق مع الشركة الدولية التي تدير الميناء على تنفيذ تفريعة جديدة بحيث أن السفن الآتية من البحر المتوسط لا تدخل إلى المجرى الملاحي للقناة الرئيسة، وتدخل إلى الميناء عبر تلك القناة الجديدة. توصلنا إلى اتفاق وتفاهمات مع الشركة الدولية لتنفيذ القناة الجديدة، إذ ستتوجه الكراكات التي نفذت قناة السويس الجديدة إلى مكان التفريعة الجديدة». وأشار إلى أن «عملية الحفر التي تبلغ نحو 17 مليون متر مربع ستبدأ على الفور عقب افتتاح قناة السويس الجديدة، وسيجري تنفيذ التفريعة الجديدة خلال أقل من خمسة شهور». وأكد أن «عملية تطوير ميناء شرق بورسعيد ستعود بالنفع على أهالي وشباب المدينة، إذ سيتم خلق فرص عمل واستثمارات وتنمية. لدينا تخطيط علمي للميناء يتضمن تخطيطاً جديداً للميناء وإنشاء أرصفة جديدة وتصوراً جغرافياً والمناطق اللوجيستية التي ستقام عليه». وكان السيسي تطرق خلال كلمته أمس إلى الاستعدادات الجارية للاستحقاق التشريعي المتوقع انطلاق إجراءاته مطلع الشهر المقبل، إذ وجه حديثه إلى المصريين قائلا: «نسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة في شكل عادل ومتوازن ونعمل بكل جهد للتحرك على المسارات كافة، وسيكون لمصر قبل نهاية العام الحالي برلمانها الجديد لنؤكد عزمنا على مواصلة طريق بدأناه معاً وسنكمله معاً في تحقيق قيم الديموقراطية والحرية والعدالة والمساواة والحق والخير للجميع». ورأى أن «قوة وطننا تكمن في وحدة شعبه وتكاتفه واصطفافه الوطني في مواجهة المخاطر. سنظل نعمل معاً على تدعيم تلك الوحدة وتقويتها. يد تحرس، ويد تبني وتعمر، حفاظاً على دولتنا ومؤسساتها وحمايتها من كل من يضمر لها الشر والسوء». وعقب كلمة السيسي بساعات أصدرت اللجنة القضائية المشرفة على التشريعيات قراراً بفتح باب التقدم بطلبات متابعة الاستحقاق والتغطية الإعلامية لمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المصرية والأجنبية، اعتباراً من 1 وإلى 20 الشهر المقبل في مقر اللجنة.