منذ تفجر الصراع المحتدم في جنوب السودان في ديسمبر كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، تفرق شمل ألوف الأُسر في أنحاء الدولة الوليدة وحولها. غرقت أحدث دولة فى العالم منذ ذلك الحين في حرب مستعرة بين الجيش الموالى للرئيس سلفا كير ومسلحون موالون لمنافسه ونائبه السابق زعيم المتمردين ريك مشار. وعلى رغم من صعوبة تقدير العدد الإجمالي لهؤلاء فان منظمة «الأممالمتحدة للطفولة» (يونيسيف) تقدر عدد الأطفال وذويهم الذين تفرقوا عن أُسرهم أو فُقدوا وحُددوا وسُجلوا لديها ويتم تتبعهم للم شملهم مع أهلهم بنحو 8789 شخصاً. وتم لم شمل نحو 1500 منهم مع أُسرهم. ومن بين أكبر عمليات لم الشمل التي تمت في الآونة الأخيرة، إعادة 18 طفلاً أعمارهم بين أربع سنوات و15 عاماً، كانوا يعيشون في مركز حماية المدنيين التابع للأمم المتحدة ببلدة بور لأُسرهم في أكوبو قرب الحدود الاثيوبية.وهي بلدة تسيطر عليها قوات المتمردين الموالين لريك مشار حالياً. وعلى رغم من أن المسافة بين البلدتين لا تزيد على 236 كيلومتراً، فان الرحلة لا يمكن أن تتم عن طريق البر ولابد من أن تكون جواً. ولا تعرف كثير من الأُسر إن كان أطفالهم نجوا من الصراع أم قُضوا فيه بسبب تكرار النزوح وعدم توفر شبكة لخطوط الهاتف. وللمساعدة في لم شمل الأُسر قدمت منظمة «الأممالمتحدة للطفولة» (يونيسيف) تطبيق هاتف محمول مفتوح ومتعدد المصادر ونظام تخزين بيانات لدولة جنوب السودان. يدير التطبيق والمشروع هيئة انقاذ الطفولة ومنظمة خيرية أخرى بالمساعدة فى جمع وتخزين وتداول المعلومات الخاصة بالأطفال البعيدين عن أُسرهم والمفقودين. وبمجرد العثور على أُسر الأطفال الثمانية عشر في بور بدأت «يونيسيف» وشركائها عملية دقيقة للم شملهم مع أُسرهم. وقال طفل يدعى جاي لوني (15 عاماً) وهو الأكبر في أربعة اخوة أُعيدوا لوالديهم «تفرقنا عن والدينا منذ تفجر الصراع. ومنذ ذلك الحين لم نتحدث لهما أبدا. أشكر يونيسيف على مساعدتنا في إيجاد والدينا في أكوبو. في الأمس فقط اتصلنا هاتفياً بأختنا الكبرى في اثيوبيا. قالت إنها ستأتي اليوم إلى أكوبو لرؤيتنا. أنا سعيد للغاية ولا أدرى ما أقوله ليونيسيف لكن الله سيجزيهم ويعينهم على مساعدة آخرين كما ساعدونا». ويعيش كثير من الأطفال الذين تفرقوا عن اُسرهم مع جيران أو أقارب بعيدين. وقالت امرأة تدعى ماري نياييتانج تتولى العناية بأطفال نازحين في المخيم أو مركز حماية المدنيين إن «منذ تفجر الحرب تفرق هؤلاء الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم، كانوا في مركز حماية المدنيين التابع للأمم المتحدة حين تعرض لهجوم وحين قُتل كثيرون بينهم أطفال. لذلك يعاني هؤلاء الأطفال من صدمة. يبكون ويبحثون عن أُسرهم ولذلك قررت تسجيل الأطفال لدى منظمة خيرية لأرى إمكانية لم شملهم مع أُسرهم». وفي أكوبو أصبحت منطقة هبوط الطائرات مشهورة، إذ يقبل الناس بكثرة عليها كلما بدت في الأفق طائرة على أمل أن تكون جلبت أطفالهم. ويرى كثير من الأهل أن لم شمل أطفالهم معهم مرة أخرى بمثابة حلم يتحقق. وعلت وجوههم ابتسامات عريضة، بينما سالت الدموع من عيونهم في ذات الوقت. وقال كواجيوك جوك الذى اجتمع شمله مع أطفاله الخمسة « أنا في غاية السعادة لاستعادة أطفالي أحياء. هذه هي الكلمة الوحيدة التي يمكنني قولها وشكراً للمنظمات لاسيما المنظمات الانسانية». وقال مسؤولون أميركيون أمس إن الرئيس الأميركى باراك أوباما الذى يقوم بجولة في شرق افريقيا حالياً، سيبحث مع زعماء افريقيين الخطة «ب» الخاصة بجنوب السودان، والتي تتضمن فرض عقوبات أو جزاءات أخرى اذا لم تتوصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق سلام بحلول منتصف آب (أغسطس) المقبل.