دخل سلاح الجو التركي على خط المواجهة مع تنظيم «داعش»، إذ قصفت مقاتلاته من طراز «أف-16»، للمرة الأولى، مواقع للتنظيم في سورية، من دون أن تدخل المجال الجوي السوري، وذلك رداً على مقتل جندي برصاص أطلقه التنظيم على مركز حدودي في مدينة كيليس (جنوب). وتزامن تحرك تركيا عسكرياً ضد «داعش»، مع إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الأتراك «شكلوا جزءاً من مناقشات أجرتها الإدارة الأميركية في الأسابيع الأخيرة ولا تزال مستمرة حول مهمات يمكن أن يؤدوها لتغيير الدينامية في سورية من أجل القضاء على داعش، ومدى التزامهم بها». وأشار إلى أن واشنطن «تريد أيضاً معرفة استعدادات الإيرانيين لمواكبة الحرب على داعش في سورية، وهو ما سأناقشه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في قطر خلال الأسابيع المقبلة». وأكدت أنقرة أنها لم تنسّق مع دمشق القصف الجوي التركي الذي استهدف 3 مواقع ل «داعش» في المنطقة الحدودية السورية المقابلة لمدينة كيليس، معلنة مقتل 5 من مقاتلي التنظيم في اشتباكات. لكنها استبعدت توغّل الجيش التركي في أراضي سورية في هذه المرحلة. وأعلنت وزارة الخارجية التركية أن طائرات التحالف ستبدأ في استخدام قاعدتي انجرلك وديار بكر التركيتين الشهر المقبل، بعدما اتفق الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي باراك أوباما على هذا الأمر في اتصال هاتفي ليل الخميس. وأشارت إلى أن المقاتلات التركية ستواكب العمليات الجوية للتحالف ضد «داعش»، والتي توقعت أن تظهر تعاوناً لتعزيز حماية السكان في أماكن سيطرة التنظيم في سورية. ويتوقع إعلان منطقة منزوعة السلاح في سورية من جرابلس شرقاً حتى أعزاز غرباً، وبعمق 50 كيلومتراً يصل بين بلدات منبج ومارع التي شملتها العملية التركية أمس. لكن الجيش التركي لن يدخل تلك المنطقة، بل سيقصف أي وجود عسكري ل «داعش» أو الأكراد فيها. وبعد أربعة أيام على الهجوم الانتحاري الذي نفذه «داعش» في مدينة سوروتش التركية المحاذية للحدود مع سورية، وأسفر عن 32 قتيلاً، وتلاه إعدام حزب العمال الكردستاني شرطيَين في مدينة جيلان بينار (جنوب)، اعتقلت شرطة مكافحة الإرهاب التركية 297 من ناشطي «داعش» و»الكردستاني» بينهم 37 أجنبياً، في عمليات دهم واسعة شملت 13 محافظة تركية. وأردت الشرطة في إسطنبول ناشطة من «الجبهة الثورية لتحرير الشعب»، وهي مجموعة ماركسية تقف وراء هجمات في تركيا. وأكد أردوغان أن تركيا «دخلت مرحلة سياسية وأمنية جديدة بالكامل»، وأن الضربات التركية لقواعد «داعش» في شمال سورية «مجرد خطوة أولى فرضتها المستجدات هنا»، في حين لوّح رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بأقسى رد على «أدنى تحرُّك يشكل خطراً على تركيا، إذ لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام استهداف الأكراد واليساريين وداعش لبلادنا». لكن المعارضة التركية اعتبرت أن «الانتفاضة» العسكرية والأمنية ضد «داعش» داخل تركيا وعلى الحدود السورية «جاءت متأخرة جداً على رغم أهميتها». وقال غورسال تكين، القيادي في حزب «الشعب الجمهوري»: «حزب العدالة والتنمية الذي دفعت سياساته تركيا إلى مستنقع الإرهاب غير مؤهل لمحاربته، ويجب أن يقبل بتشكيل حكومة ائتلافية». وزاد: «يكشف اعتقال مئات من الإرهابيين داخل البلاد في يوم واحد، معرفة أجهزة الأمن التركية بمكانهم ومدى خطرهم من دون أن تحرك ساكناً ضدهم سابقاً بسبب غياب الإرادة السياسية». وترافق هذا الموقف مع عقد وفدي حزب «العدالة و التنمية» وحزب «الشعب الجمهوري» أطول اجتماع لدرس إمكان تشكيل ائتلاف حكومي، إذ استغرق أكثر من 4 ساعات. في المقابل، دعا حزب «الشعوب الديموقراطية» ذو الغالبية الكردية الحكومة إلى استئناف المفاوضات مع «الكردستاني»، وكسبه إلى جانب الدولة في الحرب على «داعش»، محذراً من أن تكون العملية العسكرية ضد التنظيم «مجرد غطاء لنسف عملية السلام مع الأكراد».