كثَّفت أنقرة إجراءاتها لتعزيز أمن الحدود مع سوريا عبر إقامة جدارٍ باستخدام القوالب وتعزيز سياجٍ من الأسلاك وحفر خنادق إضافية بعد أيام من تفجيرٍ انتحاري طال مدينة سوروتش (جنوبتركيا)، فيما تواصل الغضب الكردي على حكومة أحمد داود أوغلو. وأدى التفجير الانتحاري الذي وقع الإثنين الماضي إلى مقتل 32 شخصاً معظمهم أكراد، ما سلَّط الضوء على المخاوف من امتداد الصراع السوري إلى الأراضي التركية. وتحدث الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، هاتفياً مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، واتفقا على العمل معاً لوقف تدفق المقاتلين الأجانب على سوريا وتأمين الحدود التي تمتد لمسافة 900 كيلومتر. وأفاد مسؤولون أتراك بارزون بارتباط المنفذ المحتمَل للهجوم في سوروتش بمناطق سيطرة تنظيم «داعش» التي زارها العام الماضي، مشيرين إلى إجراءات لتشديد التدابير الأمنية على الحدود. وأبلغ المتحدث باسم الحكومة في أنقرة، بولنت أرينج، الصحفيين بأنه «تم تحديد قطاعات حيوية في الحدود، وستُعطَى الأولوية لهذه المناطق وستُتخَذ التدابير بكل الإمكانيات التكنولوجية». ويُعتقَد أن آلاف المقاتلين الأجانب دخلوا إلى سوريا والعراق عبر تركيا وانضموا لاحقاً إلى «داعش» بمساعدة شبكات تهريب متعاطفة مع المتشددين. ويصف منتقدو حكومة أحمد داود أوغلو تحركاتها لوقف تدفق المقاتلين ب «المتأخرة». ووفقاً لمسؤول حكومي رفيع المستوى؛ قررت الحكومة إنشاء جدار بالقوالب الجاهزة بطول 150 كيلومتراً على امتداد جزءٍ من الحدود مع تعزيز سياج من الأسلاك في مناطق أخرى. وأفصح المسؤول عن خطة أخرى لتركيب أنوار كاشفة على امتداد 118 كيلومتراً على الحدود مع إصلاح الطرق المخصصة للدوريات الأمنية. وإجمالاً؛ تتكلف هذه الخطة نحو 230 مليون ليرة (86 مليون دولار). وسيعمل الجيش في إطارها على حفر خندق حدودي بطول 365 كيلومتراً مع نشر حوالي 90 % من طائراته الاستطلاعية وطائراته التي تعمل دون طيار في المنطقة الفاصلة عن سوريا. وكان الجيش شدد في الأسابيع الأخيرة إجراءات الأمن في المناطق الحدودية مع احتدام القتال بين وحدات حماية الشعب الكردية السورية وقوات نظام بشار الأسد من جهة ومسلحين متشددين من جهة ثانية. وأفاد مصدر في أنقرة مطِّلِع على الإجراءات الأمنية الجديدة بأن حوالي نصف العربات المدرعة التي تقوم بدوريات حدودية موزَّعة على امتداد الحدود السورية. كما تنتشر هناك نصف قوة حرس الحدود المؤلَّفة من 40 ألف جندي، وفقاً لتأكيده. بدورها؛ أعلنت هيئة الأركان العامة التركية أمس القبض على 4 أشخاص يُشتبَه في انتمائهم إلى»داعش» وبصحبتهم 4 أطفال وهم يحاولون العبور إلى سوريا عبر أراضي محافظة غازي عنتاب. وكان تفجير سوروتش أثار غضب الأقلية الكردية التي يتهم كثيرٌ من أفرادها حكومة أوغلو بتأييد المتطرفين في سوريا ضد القوات الكردية، وهو الاتهام الذي نفاه رئيس الوزراء مراراً. وأعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن قتل اثنين من ضباط الشرطة التركية أمس الأول رداً على التفجير الأخير. وفي إقليم تونجلي (شرق تركيا)؛ فتح مسلحون النار على قاعدة عسكرية ما أدى إلى اشتباك قصير، فيما أشعل متشددون النار في شاحنات وفتحوا النار على جنود في منطقة فان القريبة من الحدود مع إيران. بعد يومٍ من مقتل شرطيين تركيين على يد متشددين أكراد؛ قُتِلَ شرطي ثالث وأصيب آخر في هجوم نفذه ملثمون أمس في أحد أحياء مدينة ديار بكر «جنوب». وكان حزب العمال الكردستاني أعلن مسؤوليته عن هجوم أمس الأول الذي شُنَّ في مدينة شانلي أورفا، واعتبره ردّاً على تفجير انتحاري طال مدينة سوروتش «جنوب» الإثنين الماضي وأسفر عن مقتل 32 شخصاً معظمهم من الناشطين الأكراد. وأفادت مصادر في شرطة ديار بكر بفتح مجموعة من المسلحين النار أمس على شرطيين استُدعِيا بعد وقوع حادث سير في حي شهيدلك المعروف بكونه معقلاً للأكراد في المدينة. ونُقِلَ الشرطيان اللذان أصيبا بجروح خطيرة إلى أحد المستشفيات، فيما تُوفِّيَ أحدهما متأثراً بإصابته. وتحدثت مصادر عن فرار المهاجمين سريعاً من مكان الهجوم، في وقتٍ طوَّقت قوات الأمن حي شهيدلك سعياً لتوقيف المتورطين. وينظم الأكراد تظاهرات منذ الإثنين الماضي في عددٍ من المدن التركية تنديداً بسياسات الرئيس، رجب طيب أردوغان، إزاء الأزمة في سوريا. تصاعدت الأحداث الأمنية على الحدود التركية- السورية على نحو مفاجئ أمس؛ حيث قصفت دبابات تركية مواقع لتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا رداً على ما قالت إنه إطلاق نار من الجانب المقابل. وأفادت قناة «إن تي في» الإخبارية التركية بمقتل جندي وجرح اثنين آخرين في مدينة كيليس (جنوب البلاد) جرَّاء إطلاق نار مصدره مواقع «داعش» في سوريا. وردَّت أنقرة بقصف مواقع للتنظيم المتطرف بالدبابات، ما أسفر عن مقتل مسلح متطرف كما أرسلت طائرات مقاتلة إلى المنطقة الحدودية عقب تبادل إطلاق النار.