بالصدفة وحينما كنت أراجع شرطة جازان وتحديداً في قسم الصادر والوارد فإذا بإثنان من رجال الهيئة ومعهما رجل أمن وبيدهما رجل مسن ربما عمره يفوق السبعين عاماً على ما أظن حيث تبدأ قصته بأن رجال الهيئة الكرام قد وجدوه واقفاً في مكان ما يبيع فيه ويشتري ولم يتضح أمره سوى أنه لم يصلي , فأمسكوه وسلموه إلى قسم الشرطة وعليه علامات الدهشة والحزن في نفس الوقت وكأنه مستغرباً من هذا الموقف وهذه كانت قصته الطريفة , والأطرف من ذلك بأنه وحينما أستلمه رجل الأمن والتابع للقسم الذي قد كنت فيه مراجعاً بأن قد سأله أمامي بما هو اسمك وسنك ؟ فلم يجب له إلا بعدما رفع صوته عليه و بشكل واضح وعالي جداً , ليتضح من هذا المسن بعد ذلك بأنه إنسان أصم أي ( لايسمع ) أو ربما لم يفهم سوى بحركة رجل الأمن له بشفتيه , فراودتني بعدها ومباشرة الكثير من الأسئلة .. فكيف لمثل هذا المسكين وهو في آخر أيامه المعدودة لا يصلي ؟ ولما لم يسمع الأذان وهو لايسمع .. أولم يسمعه أصلاً ؟ وفي تصوري وإعتقادي الفعلي بأنه لو كان قد سمع الآذان لأنطلق راكضاً وفي أول المجيبين له قبلي أنا من يسمع أو حتى ربما غيري من الشباب .. فما كان من رجل الأمن مشكوراً له إلا أن يطلق سراحه ويقول له يا والدي غادر هذا المكان فذهب وهو يدعو له بكل خير . فرفقا يا رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رفقا .. رفقا بكل مسن طاعن في السن فربما له ظروفه الخاصة والتي قد تكون غصباً منه , فالبعض منهم ربما لا يسمع أو لا يرى أو لا يتكلم , والبعض الآخر قد لا يدرك بمن حوله فيذهب عقله تارة وتارة يتذكر , فا ألهذا الحد قد تركتم بعض الصبية والأولاد والشباب والمراهقين والطائشين الذين يسمعون الأذان ولا يستجيبون له ولا يصلون وهم في مرأى أعينكم ؟ ألهذا الحد قد تركتم المعاكسين في المولات وفي المراكز والأسواق ولا تقولون لهم كلمة ؟ أو حتى نصحا ؟ ألهذا الحد قد وصلتم إلى ما أنتم فيه من قمة في السخرية جراء ما تقومون به من أمور أشبه بالطريفة ؟ إن الحلال لهو بين والحرام أيضا بين وواضح .. فبدلا من أن تقوموا بإيصال هذا المسن إلى المسجد أو تفهيمه بخطئه بشكل ميسر أو يسير أوحتى نصحه تقبضون عليه وكأنه أجرم أو أخطأ !!! فإنكم لم تقدروا شيبته ولا حتى كبر سنه بل قدره غيركم , إنه رجل الأمن والذي قد تفهم الموقف بكل يسر ووضوح , وكان من الأولى لكم بأن تذهبوا إلى غيره وهم ممن يستحقون فعلا بل وأجدر لأن يتم القبض عليهم ممن يمثلون كمثالا فقط : من أصحاب شرب المسكرات أوممن يبيعونه , أومن أصحاب الشعوذة والمشعوذين , أو من أهل الدعارة , أوالمعاكسين , وغيرهم الكثير والكثير لأن تكونوا لهم بالمرصاد أولا بأول وأن تتركوا كل مسن طاعن لا يوجد بينه وبين قبره سوى خيط بسيط جدا أو ربما شعره . ومع هذا كله .. فتأكدوا أولاً وأخيراً بأنكم بل ومازلتم سفينة نجاة هذه الأمة وإنني أتضايق بغيابكم وأفرح في وجودكم فلا ننسى فضلكم بعد الله في كل ما تبذلونه في تحقيق المعروف ونشره وفي نهيكم عن المنكر ومحاربته بشتى أشكاله وأنواعه ومصادره , وليس عيباً منكم لأن تخطأوا ولكن العيب بأن تتمادوا في خطأكم وتصرون عليه وأن تكونوا مسخرة لغيركم من بعض السفهاء , وعليه فأتمنى منكم لأن تكونوا قد قبلتم مقالي هذا لكم بسعة الصدر ومعرفة الخطأ وتصحيحه فأنتم بعد الله مفخرة لنا نعتز بكم وبوجودكم وبأعمالكم الطيبة فبارك الله فيكم ووفقكم الله ورعاكم ,,, سامي أبودش كاتب سعودي [email protected] www.facebook.com/samiabudash