شرع الله لنا أكمل الأديان ، وبعث فينا أكمل إنسان ، وأسكننا أكمل الأوطان فكأننا والكمال لله نخوض في خضم ينزع للكمال ، ويشرئب تلقاء التنزيه ويفرد شطيه على شاسع بون ٍ من النقاء لم يصل إليه ، ولم يسبر غوره إلا القائل (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ومن هنا وعلى مدار سنين قضت ، وحوادث اضمحلت ، اختزنت ذاكرتي العديد من الصور المرفوضة واستقرت في بؤره وجداني مظاهر ممجوجة ، لم يكن مصدرها ضعف وازع ديني ، فكلنا في هذا البلد قد رضعنا التوحيد من أثداء مجتمع طاهر العقيدة سليم الفطرة ، ولم يكن الجهل عامل تحفيز لما نعانيه فالعالم يشهد أننا من أقل شعوب العالم أمية ، ولقد أنهك روحي التفكير ، وأعيا نفسي التأويل وأنا أستعرض في ساعة صفاء عددا ً من المشاهد التي تقافزت على مسرح ذكرياتي فلم أجد لنشوئها سببا ً ولا لتكرارها علة غير الوعي الذي يقتضي العلم والعمل , ذلك السمو الذي نفتقده ، والعلو الذي لم نصل إليه تبعا ً لتراكمات أعملت فينا معاولها ، وجلبت علينا برفشها صنوفا ً من مساوئ الأخلاق ومذموم الصفات أستميحكم العذر في سرد بعضها على مدار حلقات وخامسها الآن. 5- تجاهل تصرفات الأبناء وعدم رؤية أخطائهم مقارنة بأبناء الغير : سمعت أحدهم في أحد المجالس ينظر قائلا ً : انتبهوا إلى أبنائكم فهم يعملون أشياء عجيبة ، يقلدون ، يعصون ، لا يجيبون ...... والواجب علينا معشر الآباء التناصح فكلنا أب ، علينا أن نعمل ونهذب ، ونتعاون ، فأكبرت فيه هذه المقولة الحق ، ودارت عجلة الزمن لأجد أحد أبنائه يدخن على رغم صغره ، ورأيت في اللحظة نفسها أخاه الأكبر يسابق الريح بسيارة أبيه الجديدة متجاوزا ً كل السيارات دون تقيد بشعار القيادة : ( فن وأخلاق وذوق ) ، فحزمت أمري أن أخبر الوالد الواعي بما رأيت ، وانتظرت صلاة العصر بفارغ الصبر حتى أخبره بما فعل الابنان من الأمور الممقوتة والتي حجها الأب في حديثه السالف ، فلما قضينا ،أخذته جانبا وأخبرته بما حاك في نفسي وكرهت إطلاع غيره عليه فقال لي بعد أن أدار نظره من أعلى ناصيتي إلى أخمص قدمي : ألديك شهود عيان على ما تقول ؟ فبهت وعاد إليّ النطق بعد حين فرددت : يا صاحب الفضيلة إن ابنيك وسيلة ، وانطلقت تتعثر خطواتي من كلماته البذيئة متخذا ً العزاء من قولة تعالى (( كبر مقتا ً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون )) فما الذي أنطقه بالحق وأعمى ناظريه عن الحق غير الوعي المفقود......... وإلى ظاهرة أخرى يغيب عنها الوعي الذي نحن بصدده وتكون مدار موضوعي القادم ،،،،، أترككم بحفظ الله تعالى.