بعد تعثر حصول العرب على استضافة مونديال كأس العالم أكثر من مرة، حققت قطر الحلم العربي إثر فوزها بشرف استضافة مونديال 2022 بعد أن تفوقت على أمريكا بفارق ستة أصوات ''14 صوتا للأول مقابل ثمانية للثاني''، فيما منحت اللجنة التنفيذية التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم روسيا شرف تنظيم 2018. وتنافست قطر على الاستضافة مع أمريكا وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان، حيث هي المرة الأولى التي تحظى فيها قطر بشرف استضافة نهائيات كأس العالم، وهي أول دولة عربية تحظى بهذا الشرف في أول ترشيح لها. وبمنحه شرف الاستضافة لهذا البلد الصغير في الشرق الأوسط (11427 كلم مربعا و1.7 مليون نسمة) الذي أصبح في بضع سنوات فاعلا مهما في المنطقة في المجالين الرياضي والثقافي، يكون الاتحاد الدولي رسخ مبدأ منح الفرصة لدول جديدة للاستضافة على غرار كوريا الجنوبية واليابان 2002 وجنوب إفريقيا 2010. وتعتبر قطر من الدول المنتجة للنفط لكنها على الخصوص ثالث منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهي عملت منذ اللحظة الأولى التي تقدمت فيها بملفها رسميا على تأمين كل مستلزمات دفتر الشروط التي وضعها الاتحاد الدولي. وتميز ملف قطر 2022 باستخدام التقنيات المستدامة وأنظمة التبريد المستخدمة على أكمل وجه في الملاعب ومناطق التدريب ومناطق المتفرجين، وسيكون بمقدرة اللاعبين والإداريين والجماهير التمتع ببيئة باردة ومكيفة في الهواء الطلق لا تتجاوز درجة حرارتها 27 درجة مئوية. وركز ملف قطر على استخدام التقنيات الفنية لتبريد الملاعب، ولاحظ أيضا التخلي عن 170 ألف كرسي في مختلف الملاعب التي تستضيف المباريات بعد انتهاء البطولة ومنحها البلدان النامية. كما أن الملاعب التي تضمنها الملف صديقة للبيئة بفضل استخدام التكنولوجيا المتطورة التي جعلت نسبة الانبعاث الكربوني صفرا، وهذه الملاعب لا تبتعد عن بعضها البعض سوى ساعة واحدة وهو ما يسهل تنقل الجماهير التي ستحضر كأس العالم. وتملك دولة قطر خبرة كبيرة في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، حيث نظمت كأس العالم للشباب 1995، وإحدى أفضل دورات الألعاب الآسيوية في التاريخ 2006، كما أنها ستحتضن كأس آسيا لكرة القدم ودورة الألعاب العربية 2011، إضافة إلى عديد من البطولات العالمية مثل ماسترز السيدات لكرة المضرب، وإحدى مراحل بطولة العالم للدراجات النارية، كما أنها نظمت بطولة العالم لألعاب القوى داخل صالة في آذار (مارس) الماضي. وتعتبر قطر أحد أكبر خمسة أنظمة اقتصادية متزايدة النمو في العالم، ونتيجة لذلك تقوم الدوحة ببناء مرافق أساسية قيمتها أكثر من مائة مليار دولار أميركي ينتهي العمل بها 2012. وتخطط الدوحة لأن تكون المركز الأكاديمي والمركز الرياضي وكذلك المركز السياحي الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط، ولتحقيق هذه الرؤية تقوم بزيادة مرافقها السكنية والفندقية بطريقة ملحوظة. ونجحت قطر في التفوق على القوة العظمى أمريكا التي كانت مرشحة بقوة لاستضافة العرس العالمي للمرة الثانية بعد 1994 والتي أبهرت الجميع خلال تقديم ملفها أمس من خلال رسالة مسجلة عبر الفيديو لرئيسها باراك أوباما ومداخلات من المنصة لرئيسها السابق بيل كلينتون والممثل مورغان فريمان. وكانت أمريكا تعقد آمالا على ملف قوي في مختلف المجالات (الملاعب والنقل والإقامة) وعلى نجاحاتها في مونديال 1994 (نحو 70 ألف متفرج في المباراة الواحدة، رقم قياسي) الذي نظم للمرة الأولى في أمريكا الشمالية، بينما عانى ملفا كوريا الجنوبية واليابان مشكلة اقتراب تنظيمهما العرس العالمي حيث نظماه معا 2002. في المقابل, هي المرة الأولى التي تستضيف فيها روسيا النهائيات، حيث تنافست روسيا على الاستضافة مع إنجلترا وملف مشترك لإسبانيا والبرتغال وآخر لهولندا وجارتها بلجيكا. ويحمل اختيار روسيا طابعا سياسيا بامتياز لأنها لم تقدم على الورق ضمانات قوية فيما يتعلق بالبنى التحتية، فكل شيء يجب أن يشيد: الملاعب (باستثناء ملعب لوجنيكي في موسكو الذي يلبي شروط إقامة مباريات كأس العالم) والفنادق وشبكة النقل. ويشكل اتساع الأراضي الروسية بحد ذاته تحديا لوجيستيا، مع أن الملف يركز على 13 مدينة في أربعة تجمعات جميعها في المنطقة الأوروبية من روسيا باستثناء أيكاترينبرج. لكن الدعم اللامتناهي للسلطات الروسية ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين طمأن أعضاء اللجنة التنفيذية ''للفيفا''، بعد أن كان الزعيم الروسي قد لعب دورا أساسيا في استضافة سوتشي الألعاب الأولمبية الشتوية 2014.