يا كل لوعتي وأنين حرماني وحرارة ألمي وقسوة أحزاني، دعني أرحل بعيداً عن ضوضاء عشقك وأرتمي في أحضان مستحيل الوصال ودياجير الظلام. قلبي المشتعل إلى أين تأخذك أمواج الهوى وبيارق الشوق والهيام؟ شاطئ دموعي لا زال يهوي بي إلى قيعان من انتصرت عليهم ذبذبات الآهات وكبلت أيديهم قيود الأسى وانهزام الوفاق. أحبك.. يشهد على صدقها رقة إحساسي وسُهاد عيناي كلما مرّ في خاطري ميلاد حبك في صومعة رسائلي اليومية. لازالت زخات المطر تمازجها دموع عيناي لتهطل فجأة على رمال تلك البراري الناعمة وتسطر معها حروف أمنياتي ولهفة نبضاتي لكلمة حبٍ تهمس بها شفتاك يعانقها قلبي قبل أذناي. لقد أحببتك حبا صادقا تجرد من كل صنوف الزيف والتواء المشاعر، كنت على استعداد لأن ترسو على شاطئك كل زوارق التنازلات وتناوش العقبات.. فقط أردت منك صدق إحساس واحتواء قلب حتى لوعشته معك في أدغال غابة خضراء تحيط بها الأخطار من كل اتجاه وتتقاذفها ويلات الهلع من كل صوب. أهازيج شعر.. وهمهمات قوافي .. وزهور زنبق تكتسي أكاليل الجبال.. يتمايل زمهريرها البارد على رتوش أحلامي مغلفة بأشياقي ودفء أجفاني أرسلها إلى قلعة هواك التي لا زالت شامخة في مخيلتي لتسير معا في طرقات عشقك المعبدة بالرياحين وزقزقة عصفور محلق على لالئ ساحل بحيرتك الصاخبة. وفي ثانية معتمة حاولت أن أغلق كل بوابات الحياة التي يمكنها أن تجذبني إليك وأن أتمرد على بركان ثورة تألق هواك في وجداني ومع هذا كله لا زال حبك يهتف بانتصاره على هروبي منك .. الغموض هو ذاك النبراس الذي أحب أن أتميز به قد انزوى حينما تعلقت كل جوارحي بك وبات يُشكل نقطة نهاية رمادية الضوء تعلن سطوتها الشمعدانية الساخنة على هيكل إنسان قد تلاشى ولم يبق له في الحياة سوى ذرّات من الأمل محكوم عليها بالإعدام. أنت لست أنا.. فلا أحد يشبه أحد يا سطري الساخر.. أعترف أنني لم أحاول أن أغيرك أردتك كما أنت.. حتى لا أفقد جريان نهر عواطفك في داخلي بالرغم من ذلك الفارق الناري الذي كان بيني وبينك. ثغري الحزين. الحب في نظري قارورة عطر مخملية الملمس.. فارهة المنشأ.. تتدلى منها أعذب رائحة ويتساقط في ساحتها أروع جنون ويتناثر من عنقها قصاصات شجون وسحر حروف. رحيل إحساس.. هذيان قلب.. دردشة خواطر.. مشاعر ثائرة .. أحزان مشاغبة قد اسدلت أستارها لتعلن حلول الظلام في حياتي.. ولتخفي معها انوار الابتسامة على شفاهي.. لقد سلبت مني ضحكات مزيفة كنت أزفها لعيون من حولي لأظهر لهم ارتياحي ولتقل أسئلتهم على فوهة أسماعي وغرست بدلاً منها أنيابك الحادة في جسد سعادة أعياها برود مشاعرك وتنمق كلماتك. لا تظن أن سطوري ودمعاتي وأغنية فراق عزفت على أوتارها يوما ما وأنت تنشر أكاذيبك على نغماتها هي من ستجعلني أعود للوراء.. كلا.. لقد أخطأت الحدس.. قطرات أدمعي هي في حقيقتها صرخة إباء ودمعة كبرياء.. وسيأتي اليوم الذي يخلق فيه من يستحق قلبي ويثمن مشاعري بعد أن يصنع لها أسواراً جنباتها سبائل من ذهب.. ونسماتها خرير ماء عذب. كل ذلك لم أشعر به إلا بعد برهة من زمن تعلق خافقي بك.. استيقظت فيها من سبات عميق كاد يهز من طفولة منسية عشت فواصلها وأنا أتنقل من خيال إلى حقيقة.. ومن حلم مسافر إلى واقع صدى أحداثه المتوالية يزلزل أقدامي.. كان لا بد لي من أن أدرك كل ما يدور حولي وأن أراه بعين ذاقت مرارة من تحب .. وأن أترك هذا الماضي وألقي به بعيداً عن ديوانية ذكرياتي. وداعا ياحبا توجت قلبي بزمرده والماسه وأفلاطونية معاناته فقد اخترت أن أعيش الحياة بصمت يهيم به حفيفُ تساؤلات.. ووحدة أنامل يسطع من بين ثناياها سلسلة استفهامات. جمالة إسماعيل يحيى حسن - جدة