شاعرنا اليوم هو الشريف الحسن بن دويبي -رحمة الله- أو شاعر «العهود الثلاث» الوصف الذي أطلق عليه ابنه الدكتور عبدالله الحسن بن دويبي والذي استعاره -كما يقول- من الكاتب محمد حسين زيدان –يرحمه الله- حيث واكب والده العهد التركي وكذلك الهاشمي وأخيرا العهد السعودي الزاهر، وقد رصد الشاعر بن دويبي شيئا من ملامح تلك الحقب السياسية. وبحسب الإحالة إلى عدد من الأحداث التاريخية المواكبة توافق ولادة شاعرنا عام 1314ه، وقد توفي عام 1426ه، عن عمر يناهز ال112 سنة، قضى نصفها الأول في التجارة ونصفها الأخر بالزراعة وله في المدينةالمنورة حالياً مزرعة تعد من أقدم المزارع الموجودة بناحية وادي «المبعوث» شرقي الحرة الشرقية أو ما يسمى تاريخيا بحرة واقم. وله بوادي «ضعة» ثلاث مزارع على مقربة من المنيفة المتاخمة للضماري في عالية الحجاز. كان الحسن بن دويبي شاهدا على سني ما قبل توحيد المملكة حيث كان تاجرا يجوب معظم حواضر وبوادي الحجاز، يتاجر بما يحتاجونه البدو في مضاربهم، وكانت معظم طرق بيعه وشرائه تتم منهم بالمقايضة، ونادراً ما كانت الدراهم تحل حينها محل شيء من ذلك حتى تمّ توحيد المملكة على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث توفر النقد بالريال السعودي الفضة، والجنيه السعودي الذهب وكلاهما مضروبة في مكةالمكرمة. يقول من قصيدة قالها في عهد الملك فهد بن عبد العزيز -يرحمه الله-، إثر حوار جرى بين بعض الشباب بحضوره في يومٍ قائظ يشتكون فيه ارتفاع درجة الحرارة ولم يعيشوا زمنه: يفيدكم يا قوم برد وحروره عودٍ على الدنيا مضا له مية عام إلى أن يقول موضع الشاهد: ما قط ذقتوا للمعارك مروره ولا قط ذقتوا عيشةٍ ما لها إيدام مثل النبات اللي تزايد زهوره في ظل حكامٍ لهم فضل وإنعام المعركة شجعانها إخوان نوره تسعين عام و غيرها حسبة أعوام ومن بديع شعره في الغزل وهي القصيدة التي تحفظها له كثير من مجالس الشعراء اليوم: يا محلا الفنجال مع فكة الريق عقب الصلاة وقبل لا تطلع الشمس يساق لأيمان العيال المطاليق حماية الواجب الياما غدى عمس ومقابل اللي مبسمه ما بعد ذيق اللي تعرض لي عصيرٍ نهار أمس ينسف على متنه سواة الشواليق مثل الحرير اللي موحش عن اللمس وسارق وصوف ضعيفات السماحيق عنق وحشا ما زاد عن لزمة الخمس وأيضا وصوفٍ ذابحه للعشاشيق ردفٍ ونحر يا جعله اخفاية الرمس شفته بعد شيبت خلاني اضيق حرق علي احراقة البن بالحمس ومن لامني في الزين ما له توافيق يا جعل قلبه عن هوى الزين للطمس ويعد الشريف بن دويبي من شعراء النبط بجميع فنونه ومن شعراء القلطة والتراد، وله قصيدة بديعة في وصف الناقة، أرسلها إلى صديقه الشيخ سعود المحقني ردا على أبيات بعثها إليه الأخير، وهي تعكس طبيعة العصر الذي عاش فيه حيث لم توجد وسائل المواصلات الحديثة بعد، يقول من بعض أبياتها: الا يا رسيلي فوق عمليةٍ شناح شماليةٍ من سر ريمان ناقيها عريضة فقار وجنبها مثل جنب اللاح وسيعة نحر عن زارها نفح أياديها قطامية الفخذين شبرين حوز شحاح حلايا المجيدي يوم أحلي مواطيها حسينة وبر لاهي بصفرا ولا مضياح غزاليةٍ شفق القرى يوم احليها يقال أن كانف هامة الراس غز ارماح تشادي حراب الشلف ميقاف اذانيها وشبة نظرها كنها المشعل القزاح علابي الهديد ان جيت احلي علابيها عليها الحساوي والجنايب معه طفَاح ودلة ونجر وكيف للي يقديها تنصى سعود المحقني ضنوة الفلاح وديع الركاب أن حولوا دون تاليها وثمّة أشعار للحسن بن دويبي غلب عليها طابع الحكمة والتجربة يقول: بغير المرجله ما للفتى قبله ولا يّراد تعداه الرجال وتنتصي قوم النواميسا أحد بالسيف ياخذها واحد بمكالفه وجهاد ليا جيت البحر تلقى سبابيح وغطاطيسا ولا يمكن أن نتجاوز في تجربة الشريف الشعرية كثير من النصوص التي كتبها في مصر التي كان كثير السفر ولا يخلو بعضها من الطرافة : اجلس قدم دلتي وأقعد واسويها اخير من شوف مختلفين الألواني اللي مكيف بها راسي ما اخليها كيفي وكيف الرجال فلان وفلاني إلى أن يقول: في الديره اللي يا جعل الغيث يسقيها يا جعلها للحيا من غر الأمزاني من كل الأقطار أشوف الناس تلفيها وأنا عرفت السبب شفته بالأعياني ويعد الشريف بن دويبي-يرحمه الله- إلى جانب الشعر صاحب باب واسع في الرواية، ويحفظ الكثير من أشعار العرب وأيامهم، فرحم الله شاعرنا ونقدم عبر «ملامح صبح» شكرنا الجزيل لأبنه الدكتور والشاعر عبدالله الحسن بن دويبي وجميع أخوته الكرام على تعاونهم النبيل لانجاز هذه الحلقة، وننتظر منهم أن يخرجوا دراسة شعرية موسعة عن والدهم-يرحمه الله- [email protected]