بعد سنة على دعوته الى قيام دولة فلسطينية تكون عضوا في الاممالمتحدة، يجد الرئيس الاميركي باراك اوباما نفسه في وضع حرج جدا اذ يترتب عليه التلويح بحق الفيتو للتصدي لمسعى الفلسطينيين في هذا الاتجاه، مجازفا بالتعرض لعداء عالم عربي واسلامي يعيش تحولات كبرى.وفي مواجهة تعثر المفاوضات مع اسرائيل، قرر الفلسطينيون التوجه الاسبوع المقبل الى الاممالمتحدة لطلب الاعتراف بانضمام دولة فلسطين الى صفوف المنظمة الدولية.واعلن اوباما ان هذا التحرك الفلسطيني هو «تشتيت» لجهود السلام ولن يأتي بحل للنزاع في الشرق الاوسط، فيما حذرت ادارته من انها ستمارس حق الفيتو ضد هذه المبادرة في مجلس الامن. ويبدو ان الادارة الاميركية تدرك ما قد يترتب من عواقب في حال استخدام حق الفيتو، فقامت بمسعى اخير لاقناع الفلسطينيين بالعدول عن المطالبة بعضوية كاملة في الاممالمتحدة، بارسالها موفدين اثنين الى المنطقة الثلاثاء.ورفض البيت الابيض التحدث عن العواقب في حال مارست الولاياتالمتحدة حق الفيتو، غير انه سيطرح بالتاكيد مشكلة لرئيس كان يطمح لتحسين العلاقات بين بلاده والعالم العربي والاسلامي بعد تدهورها في السنوات العشر الاخيرة.وكان اوباما دعا في يونيو 2009 في القاهرة الى «انطلاقة جديدة» مع المسلمين واكد ان «الولاياتالمتحدة لن تدير ظهرها لتطلعات الفلسطينيين المشروعة بالكرامة والفرص وبدولة خاصة بهم». وبعد سنة القى كلمة مدوية من منبر الاممالمتحدة اعرب فيها عن امله بان يتم التوصل خلال سنة الى اتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين «يقودنا الى استقبال عضو جديد في الاممالمتحدة هو دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام مع اسرائيل». غير ان الامال التي اثارها هذا الخطاب سرعان ما تبددت مع فشل المفاوضات التي اعيد تحريكها في مطلع ايلول/سبتمبر 2010 في البيت الابيض، وذلك بعدما رفضت اسرائيل تمديد العمل بالتجميد الجزئي للاستيطان استجابة لشرط اميركي مسبق عادت واشنطن وتخلت عنه. وبقيت العلاقات صعبة للغاية بين اوباما وبنيامين نتانياهو ولا سيما بعدما وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي صفعة الى الرئيس الاميركي في 20 /مايو برفضه دعوته لاقامة دولة فلسطينية بحدود 1967. والان يهدد الفيتو الاميركي ضد المسعى الفلسطيني في الاممالمتحدة بالانعكاس على علاقة اوباما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبتعزيز العناصر الفلسطينية الاكثر تطرفا. وما يزيد من صعوبة موقف اوباما المرشح لولاية رئاسية ثانية في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2012، الضغوط الداخلية التي يواجهها مع الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يهدد بانكماش جديد وهجمات الجمهوريين الذين يشككون في دعمه لاسرائيل ويلوحون بقطع المساعدات عن الفلسطينيين في حال توجههم الى الاممالمتحدة. واوضح مروان المعشر وزير الخارجية الاردني السابق والعضو في مؤسسة كارنيغي للسلام ان الفيتو قد يضر بصورة الولاياتالمتحدة ولا سيما في وقت يشهد فيه العالم العربي منذ مطلع السنة ثورات تبدل وجهه.وقال متحدثا لوكالة فرانس برس «على الولاياتالمتحدة ان تدرك ان (الشرق الاوسط)منطقة جديدة ..ولم يعد بوسعها القول +اننا ندعم حريتكم ان كنتم ليبيين او مصريين او سوريين لكن ليس ان كنتم فلسطينيين+، هذه الحجة غير مجدية». وراى روبرت مالي من مجموعة الازمات الدولية ان ادارة اوباما نفسها منقسمة بين الذين يخشون ان يشكل الفيتو «تطورا سلبيا جدا بالنسبة لصورة الولاياتالمتحدة وسمعتها والثقة بها في العالم العربي» واخرين يؤكدون ان «ذلك لن يتسبب بكارثة دبلوماسية من النوع الذي يتكهن به البعض». وتضاف الى هذه التعقيدات مسالة العلاقات بين واشنطن ومؤيديها في المنطقة.