صادف امس العشرين من شهر يونيو يوم اللاجئ العالمي الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000م ، واحتُفِل به للمرة الأولى في العام 2001م ، وتم اختيار يوم 20 يونيو لتزامنه مع الاحتفال مع يوم اللاجئين الإفريقي الذي تحتفل به بعض الدول الإفريقية. ويستعرض المجتمع الدولي خلال هذا اليوم هموم وقضايا ومشاكل اللاجئين ، وتسليط الضوء على معاناتهم وبحث سبل تقديم المزيد من العون لهم وذلك برعاية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتُعد المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين إحدى أجهزة الأممالمتحدة وتأسست بموجب قرار الجمعية العامة رقم 319(4) للعام 1949 وتتخذ من جنيف مقرا لها ، كما تعد الجسم الدولي الأساسي المفوّض بتوفير الحماية للاجئين في كافة أرجاء العالم. وتهدف المنظمة إلى توفير الحماية الدولية للاجئين وإيجاد الحلول الدائمة لقضاياهم. بحسب الفقرة السابعة من ميثاق المفوضية للعام 1950. وتتمتع المفوضية بتفويض لقيادة وتنسيق العمل الدولي لحماية وحلّ مشكلات اللاجئين في شتى أنحاء العالم. وهي تعمل لكي تضمن أن بإمكان كل شخص ممارسة حقه في طلب اللجوء والعثور على ملجأ آمن في دولة أخرى. وتعرّف اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين اللاجئ بأنه "كلّ من وجد بسبب خوف له ما يبرّره من التعرّض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيّتها ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف". ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 14 منه على أن "لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد". وتسعى المفوضية لتوفير حلول دائمة وطويلة الأمد عبر مساعدة اللاجئين على العودة إلى أوطانهم إذا سمحت الظروف، أو على الاندماج في بلدان اللجوء أو إعادة التوطين في بلدان ثالثة. وساعدت المفوضية خلال ستة عقود يقدر بنحو 60 مليون شخص على بدء حياتهم من جديد ، واليوم يواصل نحو سبعة آلاف شخص من موظفي المفوضية في نحو 120 بلداً تقديم المساعدة لما يقدر بأكثر من 20 مليون شخص. وتشجع المفوضية على إبرام اتفاقيات دولية بشأن اللاجئين وترصد امتثال الحكومات للقانون الدولي للاجئين ، ويعمل موظفو المفوضية في مواقع مختلفة تتراوح بين العواصم والمخيمات النائية والمناطق الحدودية في محاولة لتوفير الحماية المذكورة أعلاه وتقليل خطر العنف، الذي يتعرض له العديد من اللاجئين، حتى في بلدان اللجوء. ويتمّ تمويل برامج المفوضيّة من خلال مساهمات وهبات من الحكومات بشكل رئيسي لكن أيضاً من مجموعات أخرى مثل مواطنين أفراد أو منظّمات، كما أنّها تحصل على مساهمة محدودة من موازنة الأممالمتحدة الاعتيادية ممّا يغطّي جزءاً من نفقات المفوضية الإدارية. ويقول بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة : " إن اللاجئين لا يغادرون ديارهم وقراهم عن طواعية ، بل يرغمهم على ذلك الصراع أو الاضطهاد، وهم في العديد من الحالات، يهربون بجلدهم طلبا للأمن والحماية وسعيا وراء سبل سد احتياجاتهم الأساسية ". ويضيف " فلنتذكر، في هذا اليوم العالمي للاجئين، الفرق بين أسر اللاجئين والمشردين وأطفالهم وشيوخهم وبين غيرهم من الناس في أنحاء العالم ، الفرق هو أنهم لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، وإلى أن يتمكنوا من تلك العودة، ينبغي أن نضمن رعايتهم وحمايتهم بتفهم حالتهم وبتقديم الدعم لهم". دور راشد للمملكة وللمملكة العربية السعودية جهوداً ملموسة في هذا الجانب الإنساني بما تقدمه من دعم ومساهمة ، وفي هذا السياق أشاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أنطونيو جوتيريس أبان زيارته للمملكة عام 2007م بما لمسه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من حرص دائم على دعم المفوضية وأعمالها الإنسانية ، منوها بما قدمته المملكة من دعم ومساهمات إنسانية لبرامج ونشاطات المفوضية في مختلف دول العالم. ورحب بتطوير العلاقات إلى آفاق أرحب بين المفوضية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهلال الأحمر السعودي وتدعيم التعاون المشترك بينهما التي تطمح من خلاله المفوضية بأن تكون الجمعية داعماً دائماً لها في الأعمال والمشاريع التي تقوم بها في مختلف بلدان العالم الإسلامي بالنظر إلى أن الجمعية تدعم المشاريع الإنسانية التي تقوم بها المفوضية في عدد من دول العالم. وفي هذا الإطار قدمت المملكة العربية السعودية مساعدات كبيرة ومشهودة من خلال التعاون الإنمائي الثنائي مع الدول المستفيدة ومن خلال الأممالمتحدة والهيئات والمؤسسات التمويلية متعددة الأطراف / الإقليمية والدولية / والمنظمات ذات البرامج المتخصصة وذلك عبر الإسهام في رؤوس أموالها أو في دعمها إداريا وفنياً ، كما دعمت مؤسسات ومنظمات ذات برامج متخصصة أنشئت لأغراض محددة وتؤدى أنشطة معينة تحظى باهتمام المجتمع الدولي مثل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى / الاونروا / ، والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتعد المملكة من الدول الداعمة لنشاطات الوكالة وتقديم التبرعات لمشاريع الوكالة وخاصة البرنامج السعودي لمساعدة الشعب الفلسطيني لتنفيذ مشاريع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك ضمن دور المملكة الرائد في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني لاسيما في الظروف السياسية الحساسة التي تمر بها قضيته. حيث حرصت المملكة ومنذ القدم على دعم ومساندة وكالة غوث الدولية للاجئين الفلسطينيين وتمكينها من أجل الوفاء بالتزاماتها المعيشية والتعليمية والعلاجية للاجئين الفلسطينيين // . ونتيجة لهذه الإسهامات الكبيرة قدمت المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى / الأونروا / السيدة كارين أبو زيد جائزة المانح المتميز للاونروا لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف العام على حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب الفلسطيني بغزة كأول شخصية عالمية تنال هذه الجائزة تقديراً لجهود سموه المتميزة في العمل الإنساني وإسهاماته الكبيرة في هذا الشأن من خلال ما تقدمه اللجان والحملات الإغاثية السعودية بإشراف ومتابعة سموه بشكل عام وما تقدمه حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص من برامج إغاثة ومشروعات إنسانية بالتعاون المشترك مع المنظمات والهيئات الدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتغطية العديد من البرامج والنشاطات التي تقوم بها وكالة الأونروا . وتسلمت المملكة العربية السعودية في شهر يوليو 2010م رئاسة اللجنة الاستشارية لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى ( الاونروا ) لتكون بذلك أول دولة عربية مانحة تتولى الرئاسة في هذه المنظمة التي تتكون من 23 دولة وتنشط في دعم وعون ملايين اللاجئين الفلسطينيين. وتعد المأساة الإنسانية التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 مأساة مدمرة، فقد طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل حوالي 957 ألف عربي فلسطيني حسب تقديرات الأممالمتحدة عام 1950. وبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين نحو 4.7 مليون لاجئ فلسطيني وفق سجلات الاونروا في نهاية عام 2008 ، فيما بلغ عدد المخيمات الفلسطينية الرسمية التي تعترف بها وكالة الغوث في الأراضي الفلسطينية والدول العربية 58 مخيماً، تتوزع بواقع 12 مخيماً في لبنان، و10 مخيمات في الأردن و 9 مخيمات في سوريا و27 مخيماً في الأراضي الفلسطينية، موزعة بواقع 19 مخيماً في الضفة الغربية و8 مخيمات في قطاع غزة. ولشعور المملكة العربية السعودية بحجم المعاناة التي تواجه مئات الآلاف من الأشقاء العراقيين اللاجئين في كل من الأردن وسوريا, ولإدراكها ما تواجهه المفوضية السامية من مصاعب وتحديات مالية لتنفيذ برامجها المخصصة لهؤلاء اللاجئين, وانسجاماً مع الدور الإنساني الفاعل لحكومة المملكة العربية السعودية فقد تبرعت عام 2009م بمبلغ 5 ملايين دولار مساهمة في دعم برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المخصص للاجئين العراقيين في هاتين الدولتين, وقد تم التركيز على الأشخاص الأكثر ضعفاً وأصحاب الاحتياجات الخاصة كالمعاقين وضحايا التعذيب والحروب إضافة إلى النساء والأطفال وكبار السن. كما قدمت المملكة العربية السعودية في عام 2009 مبلغ ( 000ر750ر3 ) ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسين ألف ريال سعودي للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساهمة منها في مساعدة آلاف النازحين اليمنيين. وعبرت المفوضية في بيان صحفي أصدرته عن تقديرها العميق لهذه المساهمة الكريمة والموقف الإنساني من المملكة وتجاوبها مع الحاجة الإنسانية العاجلة والماسة لعدد كبير من العائلات والنساء والأطفال والشيوخ الذين بلغ مجموعهم 17500 شخص تقريباً سواء ما يتعلق بإقامة مخيمات وتوفير إجراءات التسجيل والحماية لهم أو من خلال توفير مواد إغاثية أخرى. وعملت المملكة أيضاً على تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية التي قدمتها منظمات دولية عبر أراضيها إلى النازحين في المناطق اليمنية المتاخمة لحدودها كما ساهمت بتقديم 1012 طن من التمور، ووفرت الرعاية الطبية لعدد 549 حالة إسعافية للمصابين، كما سهّلت دخول 4692 مواطناً يمنياً إلى الأراضي السعودية للحصول على خدمات صحية ومعيشية. وعدت المفوضية هذه المساهمة تجسيداً جديداً للشراكة الإستراتيجية الإنسانية وتأكيدًا لعمق علاقات التعاون القائمة بين المملكة العربية السعودية ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين ، كما أنها تعكس الدور الكبير الذي تقوم به المملكة في مجال العمل الإنساني الدولي بما فيها الجهود الرامية لرفع المعاناة عن اللاجئين والنازحين في أنحاء العالم. كما تم التوقيع في مثل هذا الشهر من العام الماضي في مقر الصندوق السعودي للتنمية على مذكرة تفاهم بين الصندوق ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين تم بموجبها تقديم منحة من المملكة العربية السعودية لمساعدة النازحين في باكستان قيمتها 096ر841ر10 دولار أمريكي. من جهة أخرى عبر الممثل الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدول مجلس التعاون الخليجي يعقوب الحلو عن شكره وتقديره لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على الدعم السخي الذي قدمته وتقدمه المملكة للمفوضية مما أدى إلى تحسين أوضاع اللاجئين في جميع بقاع العالم , مؤكداً أن المملكة قدمت أكبر دعم للمتضررين من الفيضانات في باكستان كما كانت الأولى في الاستجابة لهذا الحدث. وأشاد الحلو بالنداء الإنساني الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين لتقديم التبرعات للمتضررين في باكستان . وتحل هذه المناسبة وقد بلغ عدد المشردين واللاجئين من سكان الدول الإسلامية أكثر من نصف مجموع المشردين واللاجئين عالمياً بسبب الحروب والنزاعات التي حدثت في أفغانستان والعراق والصومال والسودان وغيرها من البلدان العربية والإسلامية.