في الحوار الايجابي ينتهي المتحاورون الى نتيجة مرضية للجميع بصرف النظر عن الرأي النهائي الذي تم الاتفاق عليه او الحكم الذي تقرر او القرار الذي تم اتخاذه او التوصية التي تم اقتراحها. وهذا هو العهد بالحوار المثقف الذي يكون مظنة الاقناع حين يصحح الاخطاء تارة ويقرب وجهات النظر تارة اخرى. وفي الحوار السلبي نفتقد النتيجة الى الدعم وينشأ الصراع ويكون ذلك على حساب التنفيذ. واول مزالق هذا الحوار ان كل طرف يظن بادئ ذي بدء ان رأيه هو الرأي الصائب وان ما يقوله سواه باطل لا شك في بطلانه فينتقل الامر من الموضوعية العلمية الى الذاتية الشخصية فيستحيل الوفاق. هناك من يضع في رأسه فكرة مسبقة جاهزة لا يقل مناقشتها ولا يسمح باخضاعها لمعايير المنطق والعلم والموضوعية، فإذا تسنى له المشاركة في حوار حول موضوع معين تجده عادة يقفز قفزا مروعاً الى النتيجة ويطالب اطراف الحوار بالتسليم بها. وهو بهذا السلوك يفشل الحوار من بدايته. وهناك من يستخدم الذاكرة كسلاح في الحوار وهو هنا يتمتع بمهارة الحفظ بشكل جيد وعندما يشارك في حوار معين فإنه لا يتعب عقله بالتفكير بل يضغط على زر معين ليبدأ كآلة تسجيل في سرد ما يختزنه في ذاكرته ليكون هو معياره الوحيد والصحيح ليحكم به على موضوع الحوار، وهذا أسلوب يضع العقل على الرف، وينمي مقدرة الحفظ فقط، وهذا النمط السلوكي يؤدي ايضا الى فشل الحوار. نمط آخر يشارك في الحوار بجسده فقط وليس لديه لا القدرة ولا الرغبة على الاصغاء لانه في النهاية سيقودك وبدون مشاركة في مراحل الحوار، بأنه يعتقد، ويؤمن، ويرى، ولا يقبل المناقشة، نمط سلوكي رابع يبني آراءه تبعا لعلاقاته الشخصية، فهو يحكم عاطفته فقط، وبالتالي يحاول من بداية الحوار دعم الموقف الذي يتفق مع عاطفته بصرف النظر عن صحة هذا الموقف، وهذا النمط يفتقد الى الاحساس بالمسؤولية والمصلحة العامة! لانه يقود الحوار نحو المصالح الذاتية. إن التعامل مع هذه الانماط السلوكية وغيرها، يتطلب مهارة في ادارة الحوار يتسم صاحبها بشخصية قوية لا تعرف المجاملة على حساب الحقيقة! وإذا كان للندوات مدراء يتصدون لهذه المهمة وإذا كان رؤساء التحرير يديرون الحوار على الصحف والمدرسون يديرون الحوار بين التلاميذ، والآباء بين ابنائهم، فمن يدير الحوار اليومي بين الناس في الأماكن العامة؟ هذا السؤال يعيدنا مرة اخرى الى خلفية الشخص، اي الى المنزل والمدرسة والصحيفة والمذياع، وغير ذلك من مؤسسات التربية وادوات التثقيف. ويوضح لنا حقائق المتحدثون دونما لبس، ان كانوا على حظ من الثقافة ام لا؟! كتبه - مساعد الجهني