رياح التغيير بدأت تظهر في نواح كثيرة من حياتنا والتغيير في حد ذاته مسألة ضرورية ومحتمة تقتضيها متغيرات العصر التي تفرض على المجتمعات فالفكر الذي كان يسود حقبة الستينات والسبعينيات لم يعد مناسبا تطبيقه في حقبتنا التي نعيشها اليوم مع كل هذه التيارات الفكرية المعاصرة والتغيرات التقنية والمعلوماتية وما يصاحبها من تسارع في وتيرة العمل وتبادل المعلومات ولكننا على الجانب الآخر لا بد وأن نقف وقفة أمام أنفسنا لنتعرف على مدى كفاءة قدراتنا الفكرية والاجتماعية على التعامل مع تلك التغيرات وتطبيقها بما يتواءم مع خصوصية التوجه العقائدي وأيضا مدى نزاهة القائمين على تطبيق تلك التشريعات . إن الفوضى التي كانت تحكم تطبيق القوانين في وطننا العربي أدت الى انتشار الفساد في الأجهزة الحكومية وهو الأمر الذي نتج عنه خلل كامل في أنظمة التعليم وفي إعداد مجتمعات تدرك أنها محكومة بالقانون ... وحين يكون القانون نفسه غير قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية تأتي كارثة الفوضى . بلا شك أن ما يحدث اليوم في مناطق عربية من ثورة شبابية لتغيير الواقع الرديء ولكشف عيوب الأنظمة الفاسدة يعتبر خطوة جيدة نحو التغيير ولكننا نعود مرة أخرى لنتساءل هل من سيتولى تطبيق القانون وتنظيم الفوضى وتحقيق العدالة الاجتماعية مؤهل ونزيه ومختلف كليا ومدرك للمسؤولية الملقاة على عاتقه ... ان المسألة ليست بتلك البساطة فما مضى من سنوات فساد أرخت بظلالها على الفكر والوجدان وهيأت أجيالا ليست بذلك النقاء القادر على التعامل مع السلطة الموكلة إليه بكل شفافية . ليست نظرة متشائمة وانما هي نظرة تحليلية منطقية فالتغيير مسألة هامة وضرورية إلا أنها في نفس الوقت مسألة تحتاج لتهيئة أشخاص لهم في المقام الأول ولاء وحب للعدالة وللوطن ومنزهون عن الأنا والغرور كما أنهم لا بد وأن يملكوا قدرات استثنائية وفكر تطلعي قادر على فهم احتياجات المجتمعات العربية الاقتصادية والفكرية وكل ما يتعلق باحتياجات الفرد الانسان . الأمر الآخر والبالغ الأهمية هو أن التغيير لا يعني أبداً التخلي عن مبادئنا وأخلاقنا أو التهاون بعقيدتنا ولكن التغيير يعني أن نحافظ على تلك العقيدة المثالية ونحاول ان نطبقها بما يتواءم مع متطلبات العصر فالعقيدة الاسلامية منحتنا حصانة أخلاقية كأساس لتعاملاتنا البشرية وهي حصانة لا تتوفر لدى العالم الغربي وأستطيع أن أصف تلك الحصانة كنقطة قوة تتوفر لدينا فإن عرفنا كيف نوظفها لما فيه مصلحتنا ومصلحة العباد فسنكون قد حققنا مجتمعا مثالياً قادراً على الانتقال والتكيف مع كل متغير يطرأ في حياتنا . *شاعرة وإعلامية سعودية [email protected]