النجاح حلمٌ جميل وغاية عظيمة وتحدٍ كبير في حياة كل طموح يسعى إليه ويتلذذ في صعود سلّمه درجة درجة، وأؤمن بأن كل ما نبذله من جهد ومثابرة اليوم سيؤتي أكله حتماً ولو بعد حين. لكن إن دققنا النظر من حولنا في لحظات صفائنا فسنلاحظ أمراً غريباً! ففي الوقت ننشغل فيه جداً بتحقيق نجاحاتنا الصغيرة التي تقودنا لنجاحات أكبر، هناك من انشغل بنا عوضاً عن سعيه لخلق نجاحه الخاص! ما أعنيه ب "انشغل بنا" أي انه انصرف عن كل شيء في حياته وجعلنا وما نفعل هدفاً لحواسّه أو مقياساً لنجاحه لدرجة قد تصل به إلى حد الهوس، فتراه يدقق فيما تقول وكيف تقوله وماهي العبارات التي تستخدمها ويراقب ماذا تأكل وماذا ترتدي وكيف تؤدي عملك وكيف تجلس وهل ستضع ساقاً فوق الأخرى، ثم يخزن كل تلك المعلومات التي جمعها عنك في ذاكرته ويبدأ مرحلة التنفيذ، فتفاجأ بنسخة كربونية عنك تدفعك للاعتقاد بأنك تتابع أحداث فيلم من أفلام الخيال العلمي أنت بطله وذاك مستنسخ عنك .. يتبعك كظلك ويبحث عن أية فرصة لتصفيتك حين ينتهي من تقمص شخصيتك! قد يشعر البعض بالزهوّ بأن أحداً ما يتبعه كظله وقد يشعر البعض الآخر بالضيق أو الاختناق لكن في المقابل هناك من سيشعر بالحزن أو الألم! فمن المحزن أن ترى انساناً يملك طاقة وقدرة يستطيع استغلالها في تحقيق شيء ما في حياته وقد ارتضى لنفسه أن يعيش انعكاساً لصورة غيره، صحيحٌ أن من واجبنا ان نساند بعضنا البعض وندعم الآخر حين يفتقر للخبرة لكن في المقابل عليه أن يقف على قدميه ويحقق ذاته وأن يتخذ أنموذجاً يتعلم منه ويقتدي به لا أن يقلده، وأن يتساءل دوماً دون توقف أين أنا من بين كل هذه الجموع المتفرقة التي تخبىء أحلامها؟ أين هي بصمتي؟ أين هي نكهتي؟ ماذا حققت اليوم وماهو هدفي القادم غداً؟ ماهي الذكرى التي ستعلق بأذهان الناس حين يذكر اسمي أمامهم صدفة؟ وما الذي يميزني عن غيري؟ تساؤلات كثيرة يجب أن تظل حاضرة وبقوة في ذهنك دوماً يا من تبحث لنفسك عن مكان بين العظماء، تعلّم من الآخر ونافِسه .. اخلق وجودك وافرض نجاحك رغماً عن المحبّطين، لا تسمح لأحد أن ينتقص من انجازاتك أو أن يسفهها أو يحجمها في عينيك أو ان ينتقص من قيمتك ومن نجاحك، وكن مستعداً للمفاجآت فقد تدهش من غيرة أستاذك الذي تتلمذت على يديه في يوم من الأيام ..لا تغضب .. فقط ابتسم للأمر فهذا دليل على أنك قد تجاوزته بمراحل .. أخيراً كن الضوء الذي ينير بحضوره كل الأماكن ..ولا تكن مجرد ظلّ. كاتبة إعلامية