المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي يسجل 2457 جريمة لإسرائيل ضد الفلسطينيين خلال أسبوع    خسائرها تتجاوز 4 مليارات دولار.. الاحتلال الإسرائيلي يمحو 37 قرية جنوبية    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    "إنها طيبة".. خريطة تبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بالمنطقة    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    إعادة نشر !    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    «DNA» آخر في الأهلي    سلوكيات خاطئة في السينما    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو موسى: «الإخوان» لم يصنعوا الثورة لكنهم انضموا إليها وقطفوا ثمارها ... الدولة الدينية ليست في مصلحة مصر والخوف على الحريات وراء وثيقة الأزهر (1)
نشر في الحياة يوم 25 - 11 - 2012

لا يحتاج عمرو موسى الى تعريف. على مدى عقد عرفه العرب اميناً عاماً للجامعة العربية حاضراً بقوة في الأزمات والوساطات واقتراح المخارج والتصورات. وقبل ذلك عرفه العرب وزيراً لخارجية مصر في العقد الاخير من القرن الفائت الذي بدأ باندحار الاتحاد السوفياتي وتكريس الولايات المتحدة قوة عظمى وحيدة. ومن خلال وجوده في الموقعين عايش موسى الأحداث الكبرى التي ضربت العالم العربي وكان فيها مرة لاعباً واخرى شاهداً. بعد الثورة التي غيرت وجه مصر انخرط موسى في العمل السياسي اليومي. لم يحالفه الحظ في سباق الرئاسة وها هو اليوم يرفع الصوت من موقعه المعارض لحكم الرئيس محمد مرسي و «الإخوان».
قبل ان يتسنى لموسى التفرغ لكتابة مذكراته حملت اليه «الحياة» اسئلة عن الحاضر وبعض محطات الماضي وهنا نص الحلقة الاولى:
هل نحن أمام ولادة شرق أوسط إسلامي، ايران في عهدة الولي الفقيه، وتركيا في عهدة حزب ذي جذور إسلامية، ومصر في عهدة «الإخوان»؟
- نحن في الطريق الى شرق أوسط مختلف، جديد، ليس هو الشرق الأوسط الذي عشنا معه وفيه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. الأمر اختلف تماماً أو سيختلف تماماً. سيكون الشرق الأوسط مختلفاً وب «نكهة إسلامية». هل هو بلون إسلامي؟ قد تختلف الألوان والظلال ولكن هذا الطابع أو النكهة الإسلامية ستكون غالبة في الشرق الأوسط الجديد. هذا مختلف عن الحديث عن نظام إسلامي. انا أتحدث عن «نكهة» إسلامية، وسيترتب على ذلك تغيير في العلاقات داخل الشرق الأوسط. أما في ما يخص العلاقات بين الشرق الأوسط والعالم فهذا أمر مختلف، لأنه في الواقع عندما ترى علاقات القبول والتقبُّل للأنظمة السابقة وعلاقات القبول والتقبُّل للأنظمة الجديدة لا تجد فارقاً كبيراً.
هل نشهد تغييراً في مواقع مكونات الهوية المصرية بمعنى تقدُّم البُعد الإسلامي على البُعد العربي؟
- لا أرى المعادلة على هذا النحو. هناك البعد المصري والعربي والإسلامي. البعد المصري سيصبح قوياً جداً لأن البعد العربي التقليدي يعاني اهتزازات في ما يتعلق بالعلاقات المصرية - العربية، ومدى الالتزام المصري بالإطار العربي وهذا يظهر في موضوع القضية الفلسطينية والتخفف من الالتزامات حيالها بنِسَب مختلفة. وأنا أرى أن هذا خطأ وأن السياسة المصرية يجب ألا تتخفف لا من الالتزامات العربية ولا من الالتزامات الفلسطينية لأن لها إطاراً في المبادرة العربية ومحكومة به ولا داعي للخروج عنه. إنما في النهاية، برأيي، سيتغلب البعد العربي على البعدين المصري والإسلامي.
أفهم أن هناك عالماً إسلامياً وعلاقات نقدر أن نقويها وندعمها، ولكن مهما كان الأمر لا يمكن أن يكون هناك هذا التفاعل مع اختلافات كثيرة في الطبائع والظروف والمصالح من إندونيسيا الى موريتانيا. أما في العالم العربي فهناك فرصة واضحة للتماهي الإقتصادي والثقافي والسياسي والأمني. ويجب ألا ننسى أن تلك الثورات قامت بتلك القوة وفي تلك الظروف بسبب حَدَث وقع في تونس، الدولة العربية. لو كان ذلك الحدث نفسه وقع في دولة إسلامية لما كان له مثل ذلك التأثير، فالحدث حصل ويحصل في باكستان. الإنسان المصري نفسه إنسان عربي، له بعد افريقي بالطبع وله بعد إسلامي مؤكد لكنه في الواقع إنسان عربي. أنا لا أنظر الى العروبة من الناحية العاطفية، أو موضوع تمنيات، بل الموضوع موضوع مصلحة. نحن في حالة تطور وتغير في الشرق الأوسط.
على ماذا سيقوم التغير في الشرق الأوسط؟ هل سيقولون لنا إنسوا قضية فلسطين، لن يقبل أحد بذلك. اذكر عندما توجهت الى قرية نائية في الصعيد خلال الحملة الانتخابية والتقيت سيدة ربة أسرة بسيطة أخذت تحدثني عن ظروفها وعن ظروف أبنائها العاطلين من العمل وعن ظروف أحفادها الذين لا يتلقون تعليماً جيداً في مدارسهم وعن غياب الطبابة وعن الفقر... وعندما قاربت زيارتي على الإنتهاء وهممت بالمغادرة قالت لي: قل لي يا سي عمرو حتعملوا ايه في موضوع القدس (وتقصد فلسطين)؟ هذا يدل على أن قضية القدس موجودة في الوجدان.
ومن الناحية الأمنية، كيف يستطيع المصريون أن يتصرفوا بمفردهم والعرب بمفردهم؟ ثم هناك مجال حيوي لمصر ولكل دولة عربية، وأنا أتكلم بلغة العصر فهناك مجالات حيوية تربطنا عربياً وليس موضوع فلسطين فقط. كما اننا نتأثر بتوترات المنطقة مثل ما يسمى حالياً النزاع بين الشيعة والسنّة وهذه مسألة تتعلق بنا وبأمن هذه المنطقة.
موضوع التغير في العالم العربي موضوع كبير جداً فنحن جزء من هذا العالم العربي. إذاً عندما يكون لديك أجندة من ثلاثة مواضيع رئيسية بهذا الحجم:
1- التغير في العالم، وهو تغير يشملنا جميعاً، إنطلق من ثورة تونس في قرية معظم أهل تونس لا يعرفونها. نحن لا نستطيع إنكار هذا الكلام.
2- المستقبل الأوسع وكيف سنسير من الآن وصاعداً.
3- موضوع الشيعة والسنّة سم زعاف زرع في المنطقة، أو أعيد خلقه، بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 حيث فتحوا القمقم وخرج الجني: النزاع الشيعي – السنّي، وهو أخطر من مواضيع الإحتلال وغيرها، فهذا خطر جداً.
تتحدث وكأن هناك مؤامرة لإيقاظ النزاع السني - الشيعي؟
- أنا لا أتحدث عن مؤامرة، أنا أتحدث عن واقع. هذا الواقع عايشناه وكان موجوداً في لبنان على استحياء ثم أصبح موجوداً في لبنان بكل جرأة، ثم أصبح في العراق والآن في سورية، ويتحدثون عن مصر والخليج الى المغرب. هذه مسائل خطرة جداً فنحن لا نتحدث عن مؤامرة بل عن واقع حاصل. هذا أمر خطر في مجتمعاتنا ومن يدفع الى النزاع يبيت نيات سيئة.
هل يُشكل هذا النزاع جانباً من الأزمة في سورية؟
- ليس العنصر الأساسي ولكن لا يمكن استبعاد وجوده.
التقيت الرئيس محمد مرسي في قصر الرئاسة بعدما كنت منافساً في الانتخابات ماذا كان شعورك؟
- أنا رجل واقعي تماماً أفهم الظروف القائمة ولا أبكي على لبن مسكوب. أنا أعيش اللحظة وما جرى قد جرى، وأسبابه معروفة لديّ وتطوراته معروفة لديّ، وعلمت قبل الانتخابات نفسها بنحو أسبوع أن هناك سيناريوات لم يكن من بينها أبداً أن يكون عمرو موسى بالذات رئيساً وكان الأحرى أن أنسحب. الآن تهمنا مصر في الأساس، ليس لأنها الوطن وبلدنا ولكن لأنه حدث فيها خلل كبير جداً لم يحصل خلال المئتي سنة السابقة. وهذا الخلل، كالمرض، بالغ الخطورة إذا تُرك من دون علاج مبكر.
الخلل أولاً أصاب كل أركان مصر، إذا بحثت في ملف التعليم، في ملف الرعاية الصحية، في ملف الطاقة وإدارتها، في ملف الزراعة وأحوالها، في ملف الصناعة، في ملف التجارة، في ملف السياحة، تجد أن مصر حقيقة في وضع سيّء للغاية. ثانياً إذا بحثت في الوضع الإقتصادي والإجتماعي تجد أن الذين يعيشون تحت خط الفقر او حوله أكثر من خمسين في المئة. ولتبسيط الأمور نستطيع أن نقول إن واحداً من كل مصريين إثنين أصبح فقيراً وفق التعريف الدولي للفقير وهذا أمر خطير جداً. أنا أعرف أن مصر بلد ثري وليس فقيراً إذا أحسنت إدارته. لدينا مليون كيلومتر مربع ومئة مليون مصري خلال سنوات. لدينا المياه، على رغم الأزمة فالمطلوب حسن الإدارة، لدينا مصادر للثروة وهي كثيرة، وكلما بحثنا وتعمقنا وأدرنا الأمور إدارة صحيحة وعلمية كلما تضاعفت الثروة، المناجم موجودة وهي غير مستثمَرة إستثماراً كاملاً، كذلك البترول وإتفاقاته وإدارته والغاز وإدارته تجعلنا نستفسر لماذا؟ الأمور يمكن أن تُدار بطريقة أفضل بكثير. الصحارى الممتدة التي لا يعلم أحد ماذا تخفي في داخلها المشاريع الكبرى التي يمكن أن تأتي ببلايين الدولارات معطلة، لماذا؟ أقدم قناة السويس مثلاً فهي عبارة عن ترعة ماء لها مزلقان وحارس يفتح للسفن التي تدفع الرسوم، ولكن كان من المفترض أن تكون فيها صناعة سفن، وصيانة سفن، فهي المجرى المائي الأول في العالم، وموانئ عدة. وكذلك هي من أجمل المناطق ويخبرنا أهل السويس أن جزراً بدأت تظهر في البحيرات المُرَّة أو البحيرات الصغيرة وهي من أجمل ما يمكن ولم يتم إستغلالها. وهذا مشروع من السهل جداً أن يبدأ العمل به لأن المطلوب الأموال ويمكن أن يفتح الباب لشركات خارجية أو محلية للإستثمار. لو بدأنا نتعامل مع قناة السويس باعتبارها ممراً مائياً وما يتبع ذلك من صناعات بحرية وموانئ ومشروع سياحي هائل غير متوافر في أي مكان آخر في العالم، القناة والممر المائي والسفن. كما تمر فيها نسبة كبرى من التجارة الدولية فيمكن إنشاء سوق حرة فيها ومناطق تجارية. لو تم إنشاء مناطق صناعية ومناطق تجارية ومناطق سياحية فلا بد إذاً من بناء مدن جديدة وبالتالي نؤمن فرص العمل لأهل السويس وللمصريين من المناطق الأخرى ونؤمن فرصة لإعادة تشكيل الكثافة السكانية المصرية وبناء مدن في شرق القناة فنبدأ في إعمار سيناء. هذا مَثل ومصر فيها الكثير الكثير من الفرص لكن فيها الخلل وعلينا أن نبدأ وهذا ما أصر عليه وعلينا مناقشته قبل مناقشة الدستور.
عندما قابلت الرئيس مرسي، وقبل أن أتحدث في الدستور، تحدثت في موضوع الوضع في مصر وحذرته من خطورة الوضع والرئيس يعلم ذلك قطعاً، إنما لا بد من أن لا يكون موضوع الدستور هو الشغل الشاغل الوحيد للبلد، وأنا جزء من النقاش في الدستور وأنا عضو في لجنة الدستور ولي كلام كبير فيه. إنما لو تخرج عشرة كيلومترات خارج القاهرة وتسمع حديث الناس تجدها تتكلم عن المواصلات والأسعار.
على الصعيد الشخصي كان اللقاء مع الرئيس مرسي طيباً جداً. لم تكن هناك علاقة سابقة إنما كانت هناك معرفة، فقد زارني سابقاً في جامعة الدول العربية وأنا زرت مقر حزبهم في السابق.
لدى خروجك من لقاء الرئيس مرسي هل شعرت بشيء من الطمأنينة أو وجدت أسباباً إضافية للقلق؟
- خرجت من اللقاء بانطباع انه تابعني بدقة في كل ما قلته، ولم يكن هناك خلاف أو إختلاف حتى في موضوع الخلل الحاصل في مصر وضرورة البدء الفوري في عمل شيء ما. أتحدث هنا كمعارض وخارج عن إطار تفكير «الإخوان». التقى الرئيس آخرين لديهم توجهات مختلفة وعلى الرئيس في النهاية أن يقوّم ما سمع من مختلف الشخصيات وصولاً الى اقتراحات وتوصيات. أنا تحدثت في ثلاثة أمور: السياسة الداخلية المصرية والدستور والسياسة الخارجية المصرية. أعتقد أن هذه الزيارة كانت ضرورية ومفيدة.
هل لديك خوف، كما سمعتُ في بعض الجلسات المصرية، من «أخوَنة» الدولة؟
- هذا سيحدث. ولكن قبل ذلك ستكون هناك خطوة. فقد ظهر حزب جديد له غالبية وهو يحكم، ولنا أسوة بحزبي المحافظين والعمال في بريطانيا، والديموقراطيين والإشتراكيين في فرنسا، والديموقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة الاميركية فالحزب الرابح يأتي بأنصاره لشغل المناصب الكبرى المؤثرة، هذا سيحدث. لكن لا حق لكل هذه الأنظمة سواء في بريطانيا أو فرنسا أو اميركا أو غيرها تغيير الدولة من جذورها. وهذا أمر وحتى لو أراده «الإخوان» سيكون صعباً للغاية.
هل تشعر بأن لدى «الإخوان» توجهاً لتغيير الدولة من جذورها؟
- هذا موضوع «الأخونة» الذي يكثر الحديث عنه. علينا مواجهة الموقف بكل دقة ومن أجل هذا اقترحت في الجميعة التأسيسية للدستور أن يعالج موضوع الإدارة المحلية من منظور لا مركزي أي يُنتخب مجلس محلي قروي وأمامه يُنتخب العمدة، ويُنتخب مجلس محلي لمدينة وأمامه يُنتخب عمدة المدينة، ويُنتخب مجلس المحافظة وأمامه يُنتخب المحافظ. هنا يُترك للناس الانتخاب على أن يحقق الدستور تداول السلطة وهذا ما اقترحته رسمياً وقد نصل الى جزء منه، كبيراً كان أو صغيراً، في الدستور. هذا يمنع أن تقوم السلطة بتغيير المجلس القروي أو البلدي أو في المحافظة. الناس هم من يجب أن يقوم بالتغيير.
عندها سيكون من المنطقي أن «الإخوان»، بحكم أن لهم قدرات أكبر من أي قوى سياسية أخرى، سيتمكنون من استمالة كثير من البسطاء بمساعدات الزيت والسكر؟.
- الناس وعلى رغم احتياجها للزيت والسكر لليوم والغد بحاجة الى أكثر من ذلك بكثير، وستحكم على مدى نجاح «الإخوان» في إدارة مصر. فالسيدة البسيطة التي التقيت بها في الصعيد تحدثت عن المدارس والمستشفيات والطرق والمواصلات. ثِقْ بالشعب المصري لأنه لن يُساق أبداً بزجاجة زيت وشوال رز، هذا لن يحصل. الشعب المصري لن يُساق أبداً بزجاجة زيت وشيكارة رز، المصري أذكى من ذلك بكثير.
في أعماقك هل أنت خائف على مبدأ تداول السلطة، بمعنى أن يكون «الإخوان» جاؤوا للإقامة بصورة دائمة؟
- نعم، وكلنا قلقون من هذا، إنما هذا الموضوع أيضاً ليس سهلاً على مَنْ يناصرونهم لأن عليهم أن يقدموا الأداء الحسن الذي يجعل الناس تنتخبهم مرة وثانية وثالثة... هل يستطيعون القيام بهذا؟ هذا أمر مشكوك فيه. وقد رأينا الحساسية التي ظهرت حين حاولوا تعديل نص وأصبح الأمر خروجاً عن النص.
هناك مَنْ يقول إن مصر بقيادة «الإخوان» تشبه سفينة مبحرة في الضباب حتى الآن لم يتضح خط سيرها وخياراتها واتجاهاتها. هل لديك هذا الشعور؟
- مصر سفينة لم تُبحر بعد، ما زالت ترسو في الميناء ذاته الذي رست فيه خلال السنوات العشر الأخيرة، لم تتحرك بعد. ربما يمنعها الضباب أو يمنعها الكسل أو يمنعها عدم القدرة... مصر فيها كوادر هائلة، لكن الخطورة هي أن يكون الإرتكاز على أهل الثقة (الإخوان أو مَنْ يتعاطفون معهم فقط) وليس على أهل الخبرة، وأن يكون الولاء معيار الاختيار، ففي مصر أهل خبرة كثيرون جداً.
هذه الجرعة الإضافية من «أسلمة النظام» ماذا تبقي للقبطي في مصر؟
- القبطي جزء من القماشة المصرية ومهما حاولت أي قوة من القوى، المحافظة أو شديدة المحافظة، «تطفيش» الأقباط فإن هذا لن يحدث لأن باقي الشعب المصري سيدافع عنهم. وفي الدستور ستجد أكثر من لفظ لتعبير «المواطنة» لإحساسنا بأن البعض يحاول هز هذا الموضوع ولن نسمح بذلك. مصر يجب أن تستمر بتشكيلها الحالي بمسلميها وبأقباطها. لن يكون الأمر سهلاً أبداً على مَنْ يريد أن يفعل ذلك أن ينجح في أن يطرد الأقباط أو يطاردهم، فهذا لا يمكن.
عملياً هل الأقباط مواطنون من الدرجة الثانية في مصر؟
- لا. أعرف أن هناك حساسيات وأن هناك مداً وجزراً إنما ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية أبداً.
أين هي نقاط المقاومة لهذا الاتجاه الذي سيأخذ مصر الى صيغة نظام إسلامي قد لا يتسع للقبطي؟
- الأقباط ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية ويجب ألاّ يكونوا ولكن نحن أيضاً علينا أن نتكلم كلاماً واقعياً، فإذا كانت عندنا درجات فهم سيكونون درجة أولى فئة باء. هذه الفئات ضمن الدرجة الأولى يجب أن تُلغى فيكون عندنا درجة أولى واحدة فيها الكل متساوون وهذه فرصتنا اليوم. وحتى «النكهة» الإسلامية لا يجب أن تمنع ذلك بالعكس هي مَنْ يجب أن يطالب بذلك.
مع هذه الموجة التي تعم العالم العربي أنت عمرو موسى كمسلم هل تشعر بأن إسلامك المعتدل متهم؟
- مَنْ سيتهمني في إسلامي؟
المتشددون مثلاً؟
- المتشددون يرون أن كل مَنْ عارضهم متهم وهذا شأنهم، إنما نحن أيضاً نتهمهم بأنهم ذهبوا بعيداً جداً من كل منطق وعقل.
هل يمكن أن يتعرض الرئيس مرسي لضغوط من المجموعات المتشددة؟ وهل يخوض المواجهة معهم أم يذهب في «الأسلمة» أكثر لإستيعابهم أو اتقاء ضررهم؟
- هذه الضغوط إذا أتت من السلفيين مثلاً تسأل حينها عن موقف «الإخوان المسلمين» منها وليس عن موقف الرئيس. أنا أجد ان «الإخوان المسلمين» محرجون حالياً. السلفيون يستطيعون الإحاطة بهم وإحراجهم ويتوقف الأمر على مدى صلابة موقف «الإخوان» من خيار واضح: الوسطية ليلتحقوا بالتيار الوسطي ولو بلونهم وبفلسفتهم، أو يخضعوا للتيار المتطرف. والأمر لله.
أين الجيش في هذه المعادلة؟
- الجيش موجود ولكن ليس داخل هذه اللعبة الجارية في الأوساط السياسية، سواء من ناحية «الإسلاموية» أو من ناحية الليبرالية، انه موجود جداً لكنه خارج الحلبة، ونستطيع أن نقول إنه المتفرج الأول.
هل الجيش والقضاء من نقاط الطمأنينة في مصر؟
- أجل لأن فيهما أناساً يقفون موقفاً واضحاً جداً وخاضوا المعارك التي فرضت عليهم أو التي تعرضوا لها بكل جرأة وبمنطق أثار إعجاب المصريين.
هل كنت تتوقع ذات يوم أن تقف معارضاً وأن يكون رئيس مصر من «الإخوان»؟ هل كان ذلك يَرِد في ذهنك؟
- لم يَرِد من حيث الافتراضات السياسية التي كانت تتداولها مراكز الفكر والأبحاث المصرية والعربية، إنما لم يكن بعيداً من ذهننا جميعاً دور «الإخوان المسلمين» في الحركة السياسية في دول العالم العربي.
حين تقرأ مقالات تتحدث عن الذين خطفوا الثورة، ما هو رد فعلك؟
- الحقيقة أن «الإخوان المسلمين» لم يقوموا هم بالثورة إنما هم دخلوا الثورة بعد يومين أو ثلاثة وأصبحوا جزءاً منها بعدما قامت وليس قبل أن تقوم.
«الإخوان» دخلوا الثورة بعد قيامها؟
- «الإخوان» نجحوا في قطف ثمار الثورة لأنهم القوة الأكثر تنظيماً والأكثر قدرة والأكثر تمويلاً والأكثر تمكناً من الاستمرار، مما ساعدهم على التحمل والاستمرار لأشهر في حين أن بقية القوى لم تتحمل.
سألتني إذا كنت توقعت حصول «الإخوان المسلمين» على الحكم وقلت لك لا إذ كان ذلك من الإفتراضات البعيدة، أما الثورة فكانت إفتراضاً قريباً جداً وكنت أعرف أنها ستحصل. الحقيقة أنني يوم 16 كانون الثاني (يناير)، أي قبل ستة أيام من إنطلاق الثورة، قلت هذا الكلام في حضور الرئيس السابق حسني مبارك والزعماء العرب في شرم الشيخ، بعد بدء الثورة في تونس. وحينها كان تعليق الرئيس مبارك أن تونس شيء ومصر شيء آخر وقلت له لا يا سيادة الرئيس فتونس ليست بعيدة من هنا.
شخص بتركيبتك وتجربتك وطبيعة ثقافتك، هل شعرت بالخوف حين رأيت الحشود في ميدان التحرير؟
- لا على العكس.
ذهبت الى ميدان التحرير ماذا كان شعورك وأنت داخل الميدان؟
- شعرت بأن مصر تغيرت تماماً وأنا وسط الحشود. الحشود كانت في حالة ثورة كبرى ضد النظام وهذا كان شعوراً موجوداً لأن مصر في السنوات العشر الأخيرة تراجعت كثيراً وتباطأت الحياة السياسية، وأصبحت مصر ليست مصر التي عشنا فيها من أيام محمد علي حيث كانت السفينة تسير دائماً على رغم حالات الصعود والهبوط. ما حصل أدى بالمصريين الى كره النظام. صحيح أنه كان هناك تقدم اقتصادي وعلامات اقتصادية مثل نسبة 7 في المئة لمعدل النمو إنما لم يصل هذا الى أي من الفقراء الذين تحدثنا عنهم. كان هناك خطأ في إدارة الحكم بما في ذلك موضوع التوريث الذي طرح في النهاية.
قال لي أحد المعجبين بأدائك في هذه المرحلة: غداً يفتحون ملفاً لعمرو موسى لإسكاته أو لتشويه صورته، هل تخشى ذلك؟
- أتوقع ذلك. أثناء الحملة الانتخابية حصل الكثير من عمليات الاغتيال السياسي التي استهدفتني بمعنى التشويه والتشهير. لا أعرف مَنْ كان وراء تلك العمليات، ربما «الإخوان» وربما غيرهم، لا أريد أن أوجه اتهاماً. ولكن لديّ الكثير من الكلام الذي قيل، وأحد الأسلحة التي استخدموها أنني كنت في نابلس ورام الله حيث كانت هناك محاولة لإحياء القضية الفلسطينية التي أهمِلت وهمِّشَت وعقد مؤتمر دولي هناك دعيت اليه ولبيت الدعوة.
كنت أتوقع أن تخشى الذهاب حتى لا يكون ذلك ملفاً يفتح ضدك؟
- لا. لماذا؟ مَنْ في مصر خدم القضية الفلسطينية مثل مجموعات من جيلنا وأنا منهم؟ ويُسأل في هذا الفلسطينيون، إذا أراد أي أحد أن يحكم على مَنْ يقف مع الفلسطينيين، ومع القضية الفلسطينية تلك القضية العادلة، فليستفتي الفلسطينيون أنفسهم في الضفة وغزة والقدس.
هل عندك نقطة ضعف مالية يمكن استغلالها؟
- أنا لا أعتقد أن هناك نقاط ضعف بالمعنى الذي تقصده ولكن يستطيعون أن يخترعوا أي شيء.
هل يمكن أن يكون هناك ملف نسائي، فالإشاعات تقول انك لطيف ومحبوب؟
- إذا كانت دوائر معينة، ونحن هنا لا نتكلم عن «الإخوان المسلمين»، وصلت الى هذا الحد يكون الامر مؤسفاً جداً. إذا كنتَ تتوقع فتح ملفات وأناس كثيرون يتوقعون ذلك وأصبحت تلك مسألة مكشوفة فالكل يقول لي لن يتركوك، أسكت أحسن. «أسكت أحسن» معناها أن نترك البلد. لا يجب أن نخشى شيئاً.
ما هو الشيء الذي يمكن أن يجعلك تسكت في هذه المرحلة؟
- أن نصل الى توافق، فنحن ناس عقلانيون بمعنى أن الشيء المعقول الذي يصب في مصلحة البلد نستطيع أن نتوافق عليه، أما أن لا يكون لنا صوت فهذا غير مقبول.
هل هناك خطر من أن تعيش مصر في ظل دستور موقت لمدة طويلة بسبب الخلافات على إعداد الدستور؟
- موضوع الدستور الموقت غير مطروح لأن هناك مشروعاً قيد الإنجاز وإذا نجح يفيد.
ما لديك من طموحات؟
- لدي طموح حالي هو أن نبدأ إعادة مصر الى الطريق الصحيح وهذه مسألة طموح وطني وشخصي. أنا أريد لمصر أن تعود مرة أخرى مصر التي عرفناها وعشناها، فنتكلم من منطلق أننا دولة كبيرة مئة مليون نسمة في ظرف سنوات قليلة ومئة مليون كيلومتر بكل هذه الثروات والمياه والخضرة ودرجة التعلم، كل ذلك ولا تستطيع أن تتحرك فإن هذا شيء يؤلمنا جميعاً.
على الصعيد الشخصي هل تتمنى أن يؤسس أولادك مستقبلهم خارج مصر؟
- كلا وهم أنفسهم غير مستعدين لذلك، رغم متابعة دراستهم في الخارج إلا أنهم يريدون أن يظلوا هنا. كانت لديهم فرص عدة جداً لو أرادوا أن يعيشوا في الخارج. هم رفضوا ذلك، تعلموا في الخارج وعادوا الى مصر ويعملون في مصر هذا جزء من تكويننا، نحن فلاحون من العائلات الآتية من الريف.
هل هناك تراجع لدور المرأة في مصر؟
- هناك محاولات لمحاصرة المرأة مع الأسف الشديد وهو أمر كريه بالنسبة الى كثيرين.
هل يمكن أن تتم السيطرة على الإعلام؟ وهل هذه معركة سهلة؟
- طبعاً، فالسيطرة ليست جديدة، وكانت موجودة في عهد مبارك وبالتالي آليات السيطرة قائمة وموجودة وممكن أن تنفذ مراراً وتكراراً. من المهم ألا تتم السيطرة مرة أخرى على الإعلام، إنما على الإعلام أيضاً أن يقدم أداء مهنياً محترماً ضمن الأطر الأخلاقية فيكون الأمران متوازنين: لا يصح لهم السيطرة على الإعلام كما لا يصح للإعلام أن يكون خارج المواثيق والموضوعية.
قال لي أحدهم أنه من حسن حظ محمد عبدالوهاب أنه جاء في زمن كانت مصر يمكن أن تطلق فيه عبدالوهاب، وأن مصر الآن لا تستطيع أن تطلق فنانين، هل لديك مثل هذا الشعور؟
- الجو العام: جو الحرية وجو الشعور بأن الآفاق مفتوحة أمامنا هو الذي أطلق شوقي وحافظ وأم كلثوم وعبدالوهاب، هو الذي أطلق بعد ذلك الجيل جيلاً جديداً من الشعراء والأدباء والكتاب والموسيقيين و... الجو الآن بالشكل الحالي إذا أرادت فئة أن تهدد الناس وأن تقضي على الإبداع كيف ستتمكن مصر من إطلاق المبدعين. ويجب ألا ننسى أن شعورنا بهذا جعل الأزهر يُصدر وثيقته الشهيرة التي يتحدث فيها عن الحق في الإبداع وفي الفن وفي الأدب وفي حرية التعبير وفي حرية العقيدة وفي حرية البحث العلمي. نحن في مصر نشعر بهذا التهديد وإلا ما كانت وثيقة الأزهر.
هل جازف المصريون في الانتخابات الرئاسية؟
- لا أبداً، كان من الأفضل ان تُجرى، لكن أرى ان الحكم الديني او الدولة الدينية ليست في مصلحة مصر، أما ان يكون هناك flavour ديني مع دولة مدنية فلا مانع. وفي كل الاحوال يجب ان ينص الدستور المقبل على ان مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع وفي هذا ضمانة كافية وتتماشى مع الروح الديموقراطية والنظام الديموقراطي الذي ندعو اليه.
غداً حلقة ثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.