تنفست "قويزة" الصعداء في يوم الغيمة السوداء، ظهيرة الخميس الرابع والعشرين من محرم 1432ه فقد مرت "فوبيا المطر والسيول" هذه المرة بأقل الخسائر، قياساً بالحالة التدميرية التي عاشتها ظهيرة الثامن من ذي الحجة لعام 1430ه ..عندما دكتها سيول الجبال الشرقية في مشهد مروع، وحولتها إلى مدينة أشباح بعد خمس ساعات من العذاب، وفعلاً تنفست "قويزة" الصعداء هذا العام ولكن بحذر شديد، وقد أدارت "بوصلتها" شرقاً مع مشاريع السدود الجديدة. أحوال السكان المواطنون في حي "قويزة" غادر الكثير منهم بيوتهم منذ ضحى الخميس الماطر، عندما اسودت السماء، وزاد هيجان الرياح، وبدأت نذر المطر تقرع طبولها فوق رؤوسهم . لكن عدداً آخر منهم تجاسر على نفسه وقرر أن يظل قابعاً في مسكنه اتكالاً على الله تعالى، وقناعة منه برحمة ربه، وأن الكارثة قد لا تكرر في بحر عامين متتاليين، خصوصاً وكبار السن في الحي، والعالمين ببعض جوانب وخفايا الأمطار والسيول ظلوا يرددون مقولة: أن السيول لا تكرر بذات الشكل الكارثي إلا كل عقد من الزمن (!!). شارع "جاك" (البلاد) تجولت في شارع "جاك" الشهير وسط قويزة، والذي يفصل الحي الشعبي جنوباً عن الحي المخطط المعروف باسم "المساعد" شمالاً.. فبدأ "جاك" وهو اقتباس من اسم شركة كانت تقيم في آخر الشارع، اسمها باختصار "G.A.C" فأخذ الشارع ذلك المسمى بعد أن غابت أمانة جدة طويلاً في مسألة تسمية شوارع مدينتها (!!). دخلت المحلات وخلال جولتنا في الشارع وتحديداً الجزء الغربي منه "الشارع أقل مناطق قويزة منسوباً في الارتفاع" والذي يتحول عادة إلى بحيرة مياه من أقل الأمطار كثافة ، هناك حدثنا عدد من العمالة التي تدير معظم محلات الشارع، فأكدوا لنا أن أمطار الخميس الماضي قد غمرت الشارع بالكامل، وعبرت إلى داخل المحلات التجارية، ولكن بمنسوب ارتفاع وصل أعلى معدل له إلى "30"سم..وهو منسوب "مبهج" قياساً بكارثة العام الماضي، وقال صاحب محل خضروات، عندما بدأ الشارع يموج بالمياه حملت خضرواتي، وصرت أناولها لزميلي وهو على سطح المحل، فيتلقفها ويضعها على السطح ثم يغطيها بالشراع، خوفاً من تكرار كارثة سيول العام الماضي، لكن الله سلّم ولم يزد ارتفاع المياه داخل المحل عن شبر إلى شبرين بحسب تعبيره. سيارة تسبح وقال لي صاحب محلات تموين صغيرة إنه رأى سيارة صغيرة يسحبها السيل وبها عائلة وسط شارع جاك، لكن من دون خطر أو اصابات وتحرك بها السيل قليلاً ثم تركها (!!) دون أن يغمرها بمياهه لأن منسوب المياه لم يكن كارثياً هذا العام. المجرى مغلق وتحدث معي صاحب ملحمة فقال إن في هذا المكان "نقطة في غربي الشارع" يوجد فتحة عليها غطاء تتخلله فتحات ومن ثم يوجد انبوب صغير تحت الأرض لامتصاص مياه الشارع، وتحويل سيرها إلى قناة الصرف القريبة من الشارع بمحاذاة محطة المساعد، تحت طريق الحرمين.. لكن "بحسب افادته" أمانة جدة لم تهتم بتنظيف ذلك المجرى ، ويبدو أن الشوائب والاتربة قد سدته، الأمر الذي جعله يفقد اداءه المطلوب، وأدى ذلك إلى تراكم الامطار بالشارع حتى دخلت المياه إلى المحال التجارية، وخصوصاً تلك القريبة في منسوبها من سطح الشارع. أقل الخسائر أما بقية "قويزة" الشعبي والمخطط ، فقد تجاوز أمطار الخميس بأقل الخسائر، وإن كان الهلع قد أخذ من الناس مأخذه، لعدم وجود إجراءات حاسمة على الأرض تزرع الثقة في السكان، وتريحهم من "فوبيا" السيول، حيث أن مشاريع السدود التي أعلن عنها مؤخراً ، لم يتم البدء في العمل بها إلاّ قبل شهر من الآن، بعد غياب عن التعامل مع الحالة زاد عن سنة كاملة.