انهم بيننا نحبهم اكثر من حبنا لذاتنا، وقد يعلمون اننا - كأباء - على استعداد لان نضحي بحياتنا من أجلهم، ومع ذلك يبقى الطفل قادر على التقاط المشاعر والمواقف النفسية بشفافية مدهشة.. ! هل تشعر أحياناً "أب أو أم" بالخيبة لأن طفلك عادي او ضعيف في حفظ المعلومة واستيعابها، هل نبذته يوما لانه اخرق او لأن السحر ينقصه، هل تعتقد أن طفلك غبي ؟ للمعلومية جزء كبير من صورة الذات وتقديرها التي يكونها الطفل مستمده من صورته التي يعتقد ان والديه يحملانها عنه في رأسيهما، يغفل البعض من الاباء احياناً أن الكلمات او ردود الفعل القاسية اتجاه الاخطاء او التقصير الذي يرتكبه الابن ويعتبرونها فوره من الغضب الغير مقصود ، لها اثر كبير مستقبلا في مسيرة حياته الاجتماعية بين اصدقاءه واترابه في المدرسة والمجتمع ، كثر هم الاطفال في المجتمعات الصغيرة والكبيرة منها يحملون الام نفسيه صامته، يتحاشون الحديث عنها في معظم الاحيان لعدة اسباب مما يدفعهم للحيره والافتقاد للحيله لايجاد حل لمشاكلهم ولمواجهة تنمرد الاتراب والاصدقاء في الشارع وفي المدرسة واحيانا في المنزل، مما يؤدي بالبعض من هؤلاء الصغار الى اليأس من الحياة والكره للذات بالرغم من ان هذه الالام والصعاب التي تواجههم يستطيعون التغلب عليها لو مدت لهم يد المساعده والعناية منا نحن الكبار - كأباء ومربين - وذلك بمنحهم القوة الداخلية النابعة من احترام وتقدير الذات .. حاتم ابن التسع سنوات وحيد ينزوي داخل جدار المدرسة وغرفته في المنزل، لم يسمع كلمة ثناء سواء من والديه او من مدرسيه ، لكنه يوميا يسمع كلمة غبي انت غبي من والده واصدقائه ، لايجادلهم ولا يعترض لأنه هو نفسه مقتنع بأنه غبي والفشل سيكون من نصيبه في اي عمل يؤديه .. ! يئس حاتم من الاندماج والتواصل مع اصدقائه كما يئس من الحياة .. وهذا خالد ابن الحادية عشر من عمره بسبب لون بشرته وعيب خلقي في عينه اضطره لاستخدام نظارة طبية سميكه وثقيلة، لقب من قبل اصدقاءه بألقاب شخصيه مؤلمة حتى بات يتجاوب مع ألقابه هذه عندما ينادى بها واستسلم للامر مما سبب له الشعور بالاندحار و التقهقر نفسيا وعمليا.. رنده شابه في السادسه والعشرين من عمرها كانت نظراتها جامده خاليه من الشعور بالحياة والتواصل مع من حولها وكأن خلف نظرتها تلك مساحة سوداء تنشد السكينة والظلام، لقد عانت رنده من طفوله بائسة موت والدتها، قسوة زوجة الاب ، سلبية والدها. بالاضافة لفقر احوجها لثياب و حذاء لائق تجاري به ولو القليل من الصديقات . نبذت في طفولتها وتقهقرت متواريه متخافية في مرحلة الدراسة الجامعية حيث البيئة مؤاتية للتفاخر والتظاهر من الطالبات اكثر مما هي متناسبه مع الدرس والبحث "رغم أن الواجب يحتم توحيد الزي الجامعي" لكي تمنع المزاحمات النفسيه والمظهرية بين الطالبات. البعض منا وبشكل تلقائي يكيل المديح للقله التي حباها الله منذ الولاده، ببعض الصفات التي نعتبرها خطأ ، اكثر اهمية " كالجمال والوسامة والذكاء والثراء" فلا يحظى جميع الاطفال بقول اجتماعي وتقدير متساويين ، فيكون البعض منهم ضحايا المقاييس الخاطئة التي يتعمدها المجتمع في تقويمهم . والحق ان جميع الاطفال جديرون بالتقدير ولهم علينا حق الاحترام وصون الكرامة، السؤال كيف يمكننا نحن الاباء والامهات ان نساعد اطفالنا في اكتساب الثقه بالذات وبناء شخصيه متزنه وحصينه في ظل الاجواء الاجتماعيه السائده وهم محاصرون وسط اترابهم؟ الحقيقة يكفي ان يلمس الطفل انه موضع حب واحترام والديه حتى يصبح على اتم الاستعداد لتقبل قيمته كشخص وانسان محترم . فتخصيص وقتا كافيا للحديث مع الابناء والاستماع لارائهم ومشاكلهم ، ومشاركتهم في عمل يدوي كغسيل السيارة او تنظيف الحديقة، او المشاركة في ترتيب البيت واعداد الوجبات بالنسبة للفتيات ، تعتبر هذه الاعمال البسيطة وكأنها اللبنات الاولى التي يبني بها احترام الذات والثقة عند الطفل . فرص التقارب والمشاركة تلك بين الاباء والابناء تمكن الاباء من التعرف على مواطن القوة لدى الابن ومساعدته كحلفاء بالتشجيع وتوفير الوسائل التي تساعده على التغلب على العقبات ونقاط الضعف لديه، هناك اطفال ممكن ان يجدوا في الرياضه او الموسيقى او اي عمل يدوي مهارة تناسب كفاياتهم بحيث ممكن ان يتمتعوا بحظ كبير من النجاح واثبات الذات مستقبلا، شعر والد أحمد باليأس والغضب من تكرار تدني تحصيل ابنه في المدرسة مقارنه بابن عمه، ولكن تنبه مدرس الرياضه البدنيه لمواطن القوى الجسدية لدى احمد - العدو السريع- فشجعه وآزره فكان بطل المدرسة في المنافسات الرياضية مع المدارس الاخرى مما شجعه على المثابرة ليكون بطلاً في دراسته للمواد الاخرى. لدينا اطفال يواجهون مشاكل وبطء في التعليم وبامكان الاهل لحماية الطفل من العواقب النفسية ان يقللوا من التركيز على اهمية التحصيل المدرسي، وعموما يجب التقليل من شأن اي امر يقصر الطفل عن تحصيله على الرغم من جهوده فليس معقولا ان نطلب من طفل عادي او ضعيف الذكاء ان يصبح نابغه، ولكن ممكن مساعدته في اختيار مهارة مناسبة لقدراته وميوله كالعمل اليدوي "اعمال الصيانة والزراعة والبناء والمهارات الاخرى" كم من الاشخاص تفوقوا واصبح لاعمالهم فروعاً وانتشاراً وتكدست النقود في ارصدتهم البنكية واصبح لديهم وضع اجتماعي جيد، والفضل يعود لاعمال يدوية اتقنوها وعملوا بها بإخلاص. والبداية كانت بتشجيع ومؤازرة الآباء . نعم الطفل محتاج للحب وتعلم المنافسة والاحترام ليشعر بذاته وبقيمة الحياة لاكرهها واليأس منها ولكنه ايضا يحتاج لفهم القيم الحقيقية في هذه الحياة مثل حب الناس والنزاهة، والصدق والأهم الإيمان بالله عز وجل وعلينا كآباء ومربين ان لا نغفل أبداً عن السبب الرئيسي الذي يحطم نفسية الطفل وكبرياءه الا وهو العقاب الجسدي خاصة عندما يكون هذا العقاب ذريعة للتنفيس عن شعور الاب او المربي بالاحباء .. كذلك لايجوز معاقبة الابن امام زملائه او معاملته بقلة احترام. دراسات كثيره أجريت حول عنف المراهقين وانحرافهم كان السبب الأول طفوله يائسه وهناك دراسات اثبتت أن اسباب تميز الاطفال والمراهقين الذين يتصفون بأعلى درجات احترام الذات هم هؤلاء الذين ينعمون - بالحب والاحترام من ذويهم - والانفتاح و الديموقراطيه التي تسود منازلهم ، بصرف النظر عن شكل الانف او حجم الأذن او توقد الذهن ، فلكل طفل كامل الحق في ان يقف مرفوع الرأس عالي الجبين بثقه و اطمئنان. شهر زاد عبد الله - جده