المال والبنون زينة الحياة الدنيا ولكنهما ليسا كل مافي الدنيا ... أليس كذلك ؟ لأننا لا نعيش فقط من المال أو لأجل المال وإنما نحن نعيش لنحقق إنسانيتنا العظيمة بكل أبعادها التي خلقت بها وهي معادلة بقدر بساطة مفهومها إلا أنها أصبحت تمثل معضلة للانسان المعاصر لأن هذا المفهوم ( تحقيق إنسانيتنا ) أصبح مبهما للكثير ممن يعتقدون أن الشعور بالسعادة والرضا يأتي بالمال فقط أو بالبنون فقط ..فالرضى قمة الرضا هو أن نعرف أننا نملك مساحات وفرصا في الحياة وفي أنفسنا ولا نحتاج إلا إلى البحث فيها لنراها ونستخدمها في تحقيق السعادة لنا ولمن حولنا ولكن يبدو أننا لم نعد نرى سوى ما يلقى علينا من معطيات وفرتها لنا المدنية والحضارة بكل أشكالها فحين نلقي نظرة على الانسان في الماضي نجده كان يعيش حياة بسيطة تخلو من التعقيدات التي نعرفها اليوم. ورغم ان الإنسان في السابق لم يعرف طاقة ولا كهرباء ولا بترول ولا معادن ولا جوّال ولا فضائيات ولا حاسوب ولكنه كان يحمل في جنباته نفسا صافية طبيعية وروحا هادئة حالمة لا تشوبها شائبة ولا يعكر صفوها شيء..وكان كل همه إشباع رغباته والحفاظ على مجاله الحيوي.. أما اليوم ورغم توفر جميع التقنيات التي أنتجتها الحضارة والفكر الإنساني إلا أن الإنسان المعاصر أصبحت حياته أكثر تعقيدا بدءاً من انتشار الأمراض والأوبئة الغريبة إلى فكرة رأس المال التي استنبطها الإنسان المعاصر وحولته الى وحش مادي اقتصادي نهم .. وبهذا تحول الإنسان المعاصر إلى أسير لسلطة رأس المال وأضحى يعيش أشكالا من الاغتراب النفسي والاجتماعي والاقتصادي . فبقدر ما حققت التقنيات من رفاهية للانسان بقدر ما سخرته عبدا لها وما الحروب التي مرت بها الأمم إلا دليل على الدور السلبي الذي لعبته التقنية في إحداث دمار مادي ونفسي للإنسان الذي ساوم على روحه فربح المال والسلطة والرفاهية وخسر روحه .. وعلى الرغم من كل ما حققه الانسان من إنجازات علمية عظيمة إلا أنه لم يسخر تلك الانجازات للسمو بنفسه وروحه. والعجيب في الأمر أن الإنسان المعاصر لا يكف عن البحث عن شيء مفقود فهو دائما في حاجة لشيء ما ويستمر بحثه بلا جدوى فيما حوله وفي داخل وجدانه وكأنه يركض خلف سراب. إن من المحزن جدا أن نجد أنفسنا وقد فقدنا جزءاً كبيرا من إنسانيتنا لأجل الحصول على المال ظننا منا أنه سيحقق لنا السعادة والرفاهية يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : "لكلّ أمةٍ فتنة، وفتنة أمتي المال" كفانا الله شر أنفسنا وشر فتنة الحياة شاعرة واعلامية سعودية [email protected]