لطالما كانت الحيادية والموضوعية من أهم الشروط الواجب توفرها في طريقة وأسلوب العاملين بالأجهزة الإعلامية بأنواعها لتقديم الخبر للمتلقي، فمَهمَّتُنا هي إيصال الرسالة دون أن نُملي عليه فكرة أو نحاول استدراجه لتبني موقف دون سواه، ورغم أن هذه المَهمَّة تسْهُل في التلفاز أكثر منها في الإذاعة نظراً لتوفر عنصر الصورة المساعد في تحقيق الهدف، إلا أن هناك أموراً مزعجة قد تحدث فجأة وتفقد المرء صوابه !! فلك أن تتخيل عزيزي القارىء أن تُطل عليك مذيعة أنيقة من خلال الشاشة الفضية وهي ترسم على شفاهها ابتسامة عريضة لتقرأ عليك خبراً يقول: "قُتِل اليوم ستةُ أشخاصٍ على الأقل وجرح آخرون في انفجار سيارة مفخخة " !! هذا ما حدث فعلاً حين كنت أتابع موجزاً لأهم الأنباء في إحدى القنوات الفضائية، ولم أفهم حتى الآن سرّ تلك الابتسامة التي رافقت قراءة خبرٍ مفجعٍ كهذا! حقاً إنه لأمر مستفز! أعتقد بأن هذا الموقف هو انعكاس لمشكلة تختبىء بين ثنايا أي مهنة إنسانية، فحين يبتعد الإنسان عن أخلاقيات مهنته ومبادئها يتحول لمجرد "مؤدّي" أو "ممثل" لا يهمه سوى إبراز نفسه بغض النظر عن واجباته، ويبقى الشيء الوحيد الذي يتردد في ذهنه هو "اضحك الصورة تطلع حلوة"، وهذا ما حدث للمذيعة التي تناست أنها تقدم خبراً إنسانياً بالدرجة الأولى وكان تركيزها على إطلالتها، والأجدر أن تكون حيادية تماماً ولا تُظهر أي انفعال على وجهها، على الرغم من أن المُشاهد قد يغفر لها إنسانيتها إن فلت زمامها وانفعلت مع خبر محزن! الظهور التلفزيوني مسؤولية كبيرة، واحترام عقلية المتلقي الذي أصبح اليوم يساهم في عملية نقل الخبر هو مطلب مهم لنجاح أي برنامج ومن ثم تميز أي مذيع، فالجميع يبحث عن التألق خاصة في ظل الطفرة التي نشهدها الآن على الساحة الإعلامية بمختلف فروعها، وقلة الإنتاجية المتميزة أو "فقر" المحتوى كما يحب البعض أن يسميه، لكن أعود لما بدأت به مقالي بأن الحيادية والموضوعية مهمة جداً خاصة أنهم يقدمون لنا وجبة دسمة من الأخبار صوتاً وصورة. كاتبة ومذيعة