لاحظوا معي جيداً، حين ينتهي سؤال المذيع بقوله: أوليس كذلك؟ أو حين يقوم بوصف المشكلة مع حلولها وكل العقبات التي قد تواجه تلك الحلول، ثم يقول بكل بساطة للضيف: ما رأيك؟ في مشهد آخر، حين يقوم المذيع بالتحدث في غير فنه، لأن من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب. ولكم أن تشاهدوا أحد المذيعين المشاهير، ذي الشعر الأبيض الناعم، حين يحاول مقاطعة الضيوف وفرض رأيه، ومعاملتهم بصفاقة، ومع ذلك يأتون ويأتون! هل رأيتم مذيعي الربط؟! ومذيع الربط في التلفزيون هو ذلك الذي يأتي ليربط بين فقرة وأخرى، وبين خبر وآخر، أتحدى بعضهم أن يستطيع (فك) الحرف! ولا أريد أن أحدثكم عن كواليس التلفزيونات، فهي أدهى وأمر مما تشاهدون على الشاشة. المذيعون في العالم العربي لديهم أزمة، الظهور المفاجئ المؤدي إلى الانتكاسة؛ ولأن واثق الخطوة يمشي ملكاً، فإن كل مذيع / مذيعة يحمل شهادة جامعية متخصصة، ويملك معرفة إعلامية وعلمية، تجده في أروقة الفندق أو في بهو مقر القناة يمشي متواضعاً لا يستعرض بظهوره على الشاشة، ولا يحتقر الآخرين. من يأتي من الصفر، يبدأ بمحاولة خطف الشاشة والضوء والجو، ويحاول قدر المستطاع أن يتحدث أكثر ويظهر أكثر وينفعل أكثر. وأحياناً، يكون المذيع / كما صاحبنا صاحب الشعر الأبيض، تكون خبرته سلبية حين يستخدمها في ديكتاتورية التعامل مع الضيوف. من كل الأنواع المتناقضة السابق ذكرها، تجدون مذيعاً يسأل ويجيب، ويحاول أن يبتسم نيابة عن الضيف. هو باختصار، الضيف والمتلقي، لأنه أخذ من المهنة مسمياتها، ولا يؤمن بأنه مجرد إنسان، بل هو في أحايين كثيرة إنسان مجرد.