في الماضي ، ونحن صغار، ومنذ بداية معرفتنا للتلفزيون ومشاهدتنا للمذيعين ، وهم يطلون علينا ، في نشرات الإخبار وفي تقديمهم لبعض البرامج ، تكون لدينا صورة ، أو انطباعا ، رسم في أذهاننا ومخيلتنا ، عن هؤلاء المذيعين . وهو أنهم على درجة عالية من الثقافة واللباقة ، وإجادتهم للغة العربية ، وعلم النحو خاصة ، بحيث لا يرفع المذيع منصوبا ، ولا ينصب مرفوعا علاوة على شرط أساسي ومهم لقبولهم ، وهو جمال أو حسن الصوت ، لذلك كان من الصعب ، قبول من يتقدم للعمل مذيع بسهولة ، مالم تنطبق وتتوفر فيه ، كامل الشروط والمواصفات . وكنا معجبين بهم ، ونحفظ أسمائهم ، ويتمنى الواحد منا لو يصبح في يوم من الأيام مذيعا مثل أحدهم . اليوم اختلفت الصورة ، وتغير الوضع ، فمع كثرة وانتشار المحطات الفضائية ، كثر المذيعون ، وكثر من يدعون أنهم مذيعون ، وصار من السهل جدا أن يصبح أي إنسان، في أي لحظة مذيعا ومقدم برامج ، دون النظر إلى ادني المواصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في المذيع ، وإن كنت من أصحاب الأموال ، فهذا المال قد يجعلك ويحولك بين ليلة وضحاها إلى مذيع ، رغما عن أي إنسان ، إذا كنت ترغب بذلك ، تقدم برامج ، وتجري حوارات ، وقد يقال عنك من باب المجاملة فقط ، انك مذيع ناجح ، حتى لو كنت بعيدا كل البعد عن هذه المهنة ، ولا تملك شيئا من مقومات المذيع الناجح ، والطريقة سهلة ، إذا توفر المال ، فما عليك إلا القيام باستئجار شقة ، وتنشيء فيها محطة فضائية خاصة وتعين نفسك مذيعا فيها . في المقال القادم سأتحدث عن الممثلين الذي تحولوا إلى مذيعين . حتى نلتقي ، تقبلوا خالص تحياتي وتقديري عبدالله حسن أبوهاشم ضباء