انطلقت أمس أعمال المؤتمر السعودي الدولي للفضاء والطيران الذي تنظمه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالرياض بالتعاون مع وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" بحضور كبير لأبرز العلماء الدوليين ورواد الفضاء والمختصين في مجالات علوم وتقنية الفضاء.وبدأت أعمال المؤتمر بجلسة افتتاحية دشن خلالها معالي رئيس المدينة الدكتور محمد بن إبراهيم السويل فعاليات المؤتمر بمبنى المؤتمرات بالمدينة. ورحب الدكتور السويل بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان "أول رائد فضاء عربي مسلم" والحضور من متحدثين دوليين يتقدمهم رئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" الجنرال تشارلز بولدن، ، وعدد من رواد الفضاء وخبراء ناسا.ونوه معالي الدكتور محمد السويل بالدعم الكبير الذي تحظى به مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودعمه ورعايته حفظه الله لهذا المؤتمر العلمي، مشيداً بالجهود التي يبذلها فخامة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وإسهاماته في هذا المجال والتعاون العلمي الكبير بين المؤسسات العلمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية مع المملكة العربية السعودية. من جهته قدم الجنرال تشارلز بولدن عرضاً لاستراتيجية وتطوير الاتجاهات التقنية للفضاء والطيران في وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" وتحدث عن التطورات التي مرت بها ناسا منذ عام 1998م، وسياستها ناسا منذ أن تولي فخامة الرئيس باراك أوباما الرئاسة واهتمامه الشخصي بتعزيز المشاركة العلمية لوكالة ناسا مع كافة المؤسسات العلمية في دول العالم.وأوضح الجنرال تشارلز بولدن أن وكالة ناسا تعتمد على شركاء غير تقليديين في مجال العلوم الفضائية، وتسعى لتوسيع مجالات البحث لمعرفة المناخ المحيط بالكرة الأرضية والمنظومة الشمسية، وهي تشجع الجهات العلمية للمضي قدماً في مجالات أبحاث الفضاء.وأفاد بولدن أن هناك حوالي أربعين ألف اتفاقية تم توقيعها مع 140 دولة أسفرت عن فوائد جمة لجميع الأطراف حيث تم إنجاز خمسين في المائة من هذه الاتفاقيات، مشيراً إلى أن هناك 36 عالم فضاء من 15 دولة شاركوا في رحلات مكوكية إلى الفضاء، معرباً عن امله في زيادة فرص التعاون الدولي، وتطرق إلى المجالات العلمية البحثية الحديثة التي تعمل عليها ناسا وتهتم بها. وأكد رئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية أن ناسا تمكنت من رصد وتصوير التغيرات المناخية التي حدثت في العالم خلال الآونة الأخيرة، وقد تعرضت 35 دولة في العالم لهذه الظروف المناخية ومن ذلك دول الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط التي تأثرت بهذه الظروف حيث رصدت ناسا على سبيل المثال العاصفة الترابية التي تعرضت لها المملكة.وتحدث سمو الأمير سلطان بن سلمان رائد الفضاء عن الرحلة الفضائية التاريخية ( STS 51 - G ) التي قام بها عام 1985م ضمن طاقم الرحلة على مكوك الفضاء ديسكوفري، وذكرياته وأبرز مشاهداته وانطباعاته خلال تلك الرحلة التي تعد الأولى لرائد فضاء عربي مسلم، بمشاركة رواد الفضاء في تلك الرحلة التاريخية، مشيراً إلى تعقيد المهمة في تلك الرحلة وقصر فترة الإعداد لها مقارنة بالتحضير لأي مهمة فضائية أخرى، فضلاً عن العدد الكبير من العلماء والباحثين الذين شاركوا في الإعداد لهذه الرحلة ورواد الفضاء. وأوضح سموه أنه عند عودة الفريق إلى الأرض وقدومه إلى المملكة تلقى ترحيباً بالغاً من المسؤولين والمواطنين على المهمة التاريخية التي تم إنجازها، والسبق العلمي الذي حققته المملكة بين دول المنطقة، مشيراً إلى أن هذه البلاد تزخر بكفاءات علمية قادرة على خوض غمار كافة المهمات العلمية والمشاركة في تحقيق المنجزات. وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان أن المملكة العربية السعودية وصلت إلى مجالات متقدمة في مجال علوم الفضاء، مشيراُ إلى أن المشاركة في رحلات الفضاء لها رونقها وطابعها الخاص.وأشار سمو الأمير سلطان بن سلمان أن هناك وثائق وشهادات على درجة كبيرة من الأهمية ترصد أهم الملاحظات خلال هذه الرحلة التاريخية سوف تصدر قريباً في كتاب بمشيئة الله. من جهته تناول سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود نائب رئيس المدينة لمعاهد البحوث استراتيجيات وإنجازات برنامج علوم الفضاء السعودي، مشيراً إلى أن الرحلة الفضائية للأمير سلطان بن سلمان كانت بمثابة الإلهام والدافع لتحقيق منجزات علمية في مجال علوم الفضاء.وبين أن المملكة العربية السعودية هي أول دولة تتبنى سياسة واستراتيجية في مجال علوم الفضاء ضمن عدد من المجالات الاستراتيجية التي تهمها ضمن الخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية التي دعمتها الدولة. وأوضح أن لهذه الاستراتيجة التي بدأ العمل بها قبل ثلاث سنوات غايات تهدف إلى نقل المملكة إلى مراكز علمية قيادية متقدمة في كافة المجالات العلمية بما في ذلك مجال الفضاء والطيران، وذلك عبر خطط مرحلية خمسية.وتحدث سموه عن الأقمار الاصطناعية السعودية التي يبلغ عددها أثني عشر قمراً اصطناعياً بداية بالقمرين الصناعيين الذين تم إطلاقهم في العام 2000م وتم تشغيلهما حتى شهر سبتمبر 2003م، ليلي ذلك إطلاق القمر السعودي ( سعودي سات) الذي لا يزال قيد التشغيل وتستفيد جهات عالمية منه في مجال الاتصالات، وتم في عام 2004م 2005م إطلاق قمرين آخرين تم تشغيلها بنجاح، تبعها ستة أقمار اصطناعية أطلقت عام 2006م، ثم القمر الاصطناعي الذي تم إطلاقه عام 2007 ويعمل على مدار الساعة، حيث يلتقط صوراً فضائية دقيقة ويركز هذا القمر على أبحاث الفضاء الخارجي، ويمكن أن تستفيد جهات عديدة في القطاع الخاص والحكومي من معطيات هذا القمر. وتلا الجلسة الافتتاحية توقيع اتفاقيتين بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووكالة الفضاء والطيران الأمريكية ( ناسا) تقضي بتعاون الجهتين في مجال جيوديسيا الفضاء والآيرونت، كما تم التوقيع على مذكرة نوايا بين الجهتين في مجال الفضاء والطيران. عقب ذلك قام كل من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ورئيس وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) الجنرال تشارلز بولدن يرافقهم معالي رئيس المدينة الدكتور محمد بن إبراهيم السويل وسمو نائبه لمعاهد البحوث الأمير الدكتور تركي بن سعود بجولة على المعرض المصاحب للمؤتمر حيث اطلعوا على أجنحة الجهات الداعمة للمؤتمر وهي شركة الاتصالات السعودية وشركة أرامكو السعودية وشركة معادن والمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية عربسات، وقد تلقى سمو الأمير سلطان بن سلمان أثناء زيارته لمعرض أرامكو هدية تذكارية.بعد ذلك انطلقت الجلسة الثانية للمؤتمر برئاسة سمو الأمير سلطان بن سلمان، تحدث خلالها عدد من أبرز رواد الفضاء عن بعثات استكشاف الفضاء. وقد استعرضت الورقة الأولى التي قدمها رائد الفضاء راسيل شويكارت في أبولو9 الانجازات والتحديات التي حققتها بعثات الفضاء والدور المنتظر منها في حماية الأرض واستكشاف الفضاء المحيط، تلتها جلسة نقاش لمدير مركز جونسون للفضاء في ناسا السيد جورج آبي وعدد من رواد الرحلة الفضائية STS 51 - G قدموا خلالها عرضاً للخبرات والتجارب وأبرز الأحداث العلمية والتقنية. واختتمت جلسات اليوم الأول للمؤتمر بالجلسة الثالثة التي ترأسها سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث وطرحت خلالها ثلاثة أوراق عمل قدم الأولى منها البروفيسور جون هول الحائز على جائزة نوبل بعنوان طور وسرعة الضوء وتأثيرات الاتجاهات المختلفة، في حين قدمت الورقة الثانية عرضاً لنتائج بعثة غرافيتي بروب - المهمة ب، وقدمها البروفيسور في جامعة ستانفورد تشارلز فرانسيس ايفيريت، أما الورقة الثالثة والأخيرة التي قدمها البروفيسور روبرت باير من جامعة ستانفورد فقد تناولت موضوع تطوير اتجاهات الليزر والبصريات غير الخطية لعلوم الفضاء. وتعقد يوم غد الأحد ثلاث جلسات تسلط الضوء على برامج وتوجهات البحوث وبعثات استكشاف الأرض والقمر، كما يقام في المساء محاضرة وحوار مفتوح يجمع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وعدد من رواد الفضاء المشاركين في الرحلة مع عدد من الطلبة المميزين يمثلون أربعة وأربعين منطقة تعليمية مختلفة تغطي جميع مناطق المملكة, حيث سيتم خلالها فتح المجال للطلاب للتحاور مع سموه ورواد الفضاء المشاركين.