يعتبر الرئيس الصهيوني نتن ياهو (74 عاماً)، الذي تسلّم منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات كان أولها في 1996، الرئيس الأطول مدة في تاريخ الدولة الصهيونية منذ بن غوريون وجولدا مائير، وخاض الكثير من الحروب كان معظمها ضد قطاع غزة بالذات. رغم كل هذه الخبرة الطويلة، إلا إنه لا يملك استراتيجية أو خطة للخروج من نفق الحرب التي يلعب فيها بالنار، خاصة مع توسيع نطاقها لتشمل لبنان وربما إيران التي تستعد لاستقبال الردّ من إسرائيل. الخطة أو الاستراتيجية التي لدى نتن ياهو، هي مواصلة الحرب إلى ما لا نهاية، لأنه لا يستطيع كما يقول أن ينتظر رعباً آخر مثل الذي عاشته إسرائيل في السابع من أكتوبر. لقد عاث الرئيس الصهيوني فساداً وتدميراً في غزة لأكثر من سنة دون أن يستسلم الفلسطينيون ولا يبدو أنهم سيفعلون ذلك، وخاصة بعد مقطع الفيديو الذي ظهر فيه يحيى السنوار وهو يقاوم وحيداً جيشاً مدجّجاً بأسلحة الذكاء الإصطناعي والدبّابات، وبثّه الإسرائيليون أنفسهم. كان الهدف من المقطع، طمأنة الشارع اليهودي في أن المطلوب رقم واحد لديهم، والذي تسبّب في رعبهم في السابع من أكتوبر، قد مات؛ لكن في المقابل، ساهم هذا المقطع في ترويج السردية الفلسطينية في العالم أجمع، ولقى رواجاً كبيراً في شبكات التواصل الاجتماعي، وبدا جلياً، أن الشعب الفلسطيني، يقاوم احتلالاً بغيضاً، سينتهي لا محالة، مثله مثل أي احتلال أو استعمار شهده العالم، ثم اختفى إلى غير رجعة. كان الرئيس الصهيوني قبل السابع من أكتوبر يخوض أصعب معاركه المحلية مع المعارضين له أمثال قائد المعارضة جانتس، ووزير الدفاع جالانت، الذي يشترك معه في عضوية حزب الليكود، وكان التحالف الذي يقوده في حكومته، على وشك الانهيار بسبب الخلافات الكثيرة داخل اليمين المحافظ المتطرف، وداخل حزب الليكود الذي يقوده. جاءت الحرب على غزة، لتنقذه من هذه الورطة التي كانت ستنهي مغامرته السياسية الطويلة، لكن أسهمه في الشارع الصهيوني، ارتفعت، أو هكذا يبدو، بعد سنة من الحرب، خاصة بعد نجاحه في اغتيال قادة حزب الله في لبنان الواحد بعد الآخر. عُرف عن هذا الرئيس الصهيوني الماكر، كرهه الشديد للعرب، مهما قال بعكس ذلك؛ إذ عبّر صراحة عن ذلك سابقاً بقوله إن العرب لا يعرفون إلا لغة القوة فلا فائدة من عقد سلام معهم؛ لذا فإن الحل الوحيد لإسرائيل هو إجبارهم بالقوة على الاعتراف بإسرائيل. رغم إن الخطوات في هذه الحرب التي يراها الشارع الصهيوني الآن مقبولة في ظاهرها بالنسبة لنتن ياهو، إلا إنها قد تنقلب على رأسه لاحقاً، ويصبح من الصعوبة الخروج من هذه الحرب، أو النزول من قمة مغامرته السياسية الطويلة، بخطأ قد يرتكبه هنا، أو هناك، تماماً كما جاء في الخبر الطريف الذي تناولته وكالات الأنباء، حول كلب، تسلّق قمة هرم خوفو، في أهرامات الجيزة الشهيرة في مصر، وبقي هناك في القمة،عالقاً ينتظر المساعدة من سائح أجنبي، كان يلتقط له الصور عبر طائرة شراعية كانت تحوم فوقه على ارتفاع 481 قدماً. لا أحد يعرف مصير الكلب، وكيف كانت نهايته.