يعتريني الفضول كلما مررت بجانب مركبة متهالكة ، من الواضح بأنها مرت عليها من السنين عتيا، وعفا عليها الزمن ، كيف أوصلها سوء المآل إلى هذه الحالة التي يرثى لها ؟ وأصبحت أشبه بجثمان مُغطى بشراع ، ومدفون بالأتربة و بالكاد ترى الرفات ،وأما الهياكل المكشوفة منها ،فيها مأوى لتجمع الأفات والقاذورات وتكاثرها -أكرمكم وأعزكم الله- ،غير الحيز الذي تشغله بلا فائدة مرجوة في المدن وداخل الأحياء السكنية، على عين ملاكها وعدم تفاعلهم و التعاون في معالجة ذلك التشوه البصري الذي ينافي جودة الحياة وتحسين المظهر الحضاري والبيئة الصحية للسكان من المواطنين والمقيمين والزوار، فجميع الاحتمالات التي تبادرت إلى ذهني لم تكن مقنعة ، من ضمنها احتمال عاطفي نوعاً ما ،وهو: تعلق صاحب المركبة بمركبته التالفة ،و التي ليس بمقدوره تحمل تكاليف إصلاحها لكن سرعان ما قمت باستبعاد هذا الاحتمال فماذا لوكان هذا الشخص يملك سيارة أخرى؟ فبعد التقصي و الإبحار في ملابسات تلك الظاهرة، تبين لي بأن هناك عدة أسباب ساهمت في حدوثها ،ومنها: تلف المركبة وعليها مخالفات مرورية ومالكها بحاجة للوقت لسداد تلك المخالفات ، فتخفيض سداد المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها بنسبة (50 %) التي أعلنت عنها الادارة العامة للمرور في وقت سابق، برأيي تعتبر فرصة ذهبية يمكن استغلالها لحل تلك الأزمة ،و أما السبب الأآخر والذي ليس له مسوغ ، هو تلف المركبة وتآكلها ، ولم يتبق منها سوى حطام الهيكل ،ومع ذلك يتقاعس صاحبها عن الشروع في إجراءات الإسقاط بدون أي عذر أو مبرر يمنعه من ذلك ،أو ربما يكون صاحب المركبة ، مقيم أنتهت فترة عمله وترك السيارة لأنه لم يستطع بيعها. وفي بعض الأحيان تكون تلك المركبات أرثاً من متوفى تم تحنيطها تحت الأشجار من قبل الورثة وحولوا تلك التركة لوقف لايمكن المساس به أو التصرف فيه. فليس من العدل أن يُرغم شخصاً عند عودته إلى منزله بعدما امتلأت المواقف المحيطه من بيته ، ليقف آخر الشارع بينما هناك أخر قام بحجز موقفين أحدهما لسيارته المتهالكة، والآخر لسيارته البديلة ، وهذا مايدعو لنشوب المشاجرات العقيمة بين أهالي الأحياء، ويزرع الضغينة والبغضاء فيما بينهم . ومن الزاوية الأخرى ،كانت هناك مهلة تصحيحية ممنوحة لإسقاط المركبات المهملة أو التالفة لمدة عام أعلنت عنها إدارة المرور آنذاك، و تم تمديدها لعام إضافي ، وأيضاً تم تخصيص رقم للبلاغات عن السيارات التالفة والمتهالكة والتي تسبِّب الضرر في الأحياء والشوارع ،والتي قد تكون في بعض الأحيان تم وضع ملصق تأشير المرور عليها ، إلى أن تلك الظاهرة مازالت قائمة على قدم وساق، والتفاعل معها على رتم بطيء.