تفيض أنفاس الآباء بعد انتهاء عام دراسي كامل، لفظ هو الآخر رمقه الأخير مع أطفالهم، خصوصا مع الطبيعة السيكولوجيا لأجيال الألفية الأخيرة ، الذين استقبلتهم الحياة في عصر التكنولوجيا ،وعاصروها منذ نشأتهم وهيمنت عليهم السرعة للحاق بركب التطور، فذلك الأمر له أثر كبير على طبيعتهم وسماتهم الشخصية والنفسية، لا أبالغ إن قلت بأنها سيطرت على عقولهم وعطلتها عن التفكير حتى، حيث أصبح من السهل عليهم جلب أفكارهم وبلورتها بضغطة زر، و إنابة من يقوم بالتفكير عنهم دون القيام بأي مجهود عقلي يذكر ،فترسخ في عقولهم أن الملاذ من أي ضغط قد يصادفهم في الحياة ،ينتهي بتلك الضغطة، فباتت بمثابة إدمان تظهر أعراضه الانسحابية في فترة الدراسة ،وعندما يتم أقصاؤهم في تلك الفترة عن الأجهزة الإلكترونية ،تتجلّى تلك العواقب في عدم التركيز، و التضجُّر من الدراسة والتسويف في إنهاء الواجبات اليومية ، ما يجعل الآباء يتنفسون الصعداء خلال تلك الفترة التي ختمت باختبار مستوى أبنائهم واختبار مستوى صبرهم،فيفرح الآباء بالعطلة الصيفية أشدّ فرحاً من أبنائهم ، لكن استشعارهم بالهدوء ليس في محله ، حيث أن هدوء الأبناء هذا غير طبيعي إلا أن يكون مقروناً بانكفائهم على أجهزتهم الإلكترونية ليل نهار ، و تكون مرافقة للبعض حتى عند تناول الطعام أو في الحمام -أكرمكم الله -، وبالكاد تفارقهم في وقت النوم ، فالاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية ،لعب دوراً كبيرا ًفي انتشار طيف التوحُّد لدى أطفالنا، أو إذا صح القول التوحُّد الإلكتروني، الذي قيّد طفولتهم في زوايا الأمكنة، و استحوذ على أصواتهم وضحكاتهم التي من المفترض تبهج البيوت والقلوب في العطلات، فإشراك الأطفال في الأنشطة الصيفية ،خيار ممتاز لتحرير عقولهم، و استئناف لطاقتهم الكامنه، الخيار الذي أصبح مستبعداً من قبل بعض الأباء خوفاً من الالتزام في العطلات ،فالأنشطة الصيفية الهادفة بأنواعها الثقافية والتربوية والبدنية وغيرها ،تتيح للطفل الكشف عن مهاراته وميوله وهوايته المفضلة، وتنمِّي مهارات التواصل الإجتماعي لديه وتجنّبه العُزلة والوحدة وتساهم في تقوية شخصيته وتبعد عنه الكسل والخمول الجسدي والفكري الناتج عن جلوسه لساعات طويلة أمام التلفاز أو اللعب بالألعاب الإلكترونية ،بذلك يتم استثمار أوقاتهم وقتل الفراغ الذي يرغمهم على اللجوء إلى أجهزتهم خصوصاً عند انشغال الأبوين ، و في الإجازات الصيفية .