حذر مختصون الجمهور الرياضي من استغلال منصات التواصل الاجتماعي في التراشق والخروج عن قاعدة الرياضة " فن وأخلاق وذوق"، وأكدوا أنه مع زيادة المناسبات والفعاليات الرياضية في مجال كرة القدم، تفرغ بعض الجماهير والمشجعين في المهاجمة والتراشق، دون أي تحلٍ بالأخلاق الرياضية. وقالوا: إن تأجيج التعصب الرياضي في ملاعبنا مرفوض جملة وتفصيلًا، فالرياضة يجب أن تتحلى بالقيم الرياضية والمبادئ الإنسانية بعيداً عن المهاترات والمشاحنات. بداية، يقول أستاذ الصحة العامة واستشاري طب الأسرة والمجتمع البروفيسور توفيق أحمد خوجة: بعض الجماهير الرياضية- للأسف- تخرج عن التشجيع الرياضي الحميد المبني على المبادئ والقيّم، وتدخل في جدال ومناقشات حادة وتراشق غير مقبول؛ إذ استغلت وجود مختلف منصات التواصل الاجتماعي، فبدأت في طرح كل ما تريد وبالأسلوب الذي ترغبه دون مراعاة للمجتمع، الذي يتابع هذه المنصات. وقال خوجة: إن التعصب الكروي وباءٌ يصيب بعض الأفراد؛ بسبب شدة انتمائهم للفريق الذي يشجعونه منذ صغرهم، ولا يستطيعون تقبل فوز فريق آخر عليه، فعندما يجد المشجع فريقه يخسر أو يقوم بأداء سيئ، فهذه الخسارة تثير غضبه وتجعله غير مدرك للتصرفات العنيفة التي يقوم بها، حتى لو كانت لفظية، بالإضافة إلى سوء الحالة النفسية للفرد في ذلك الوقت، التي تجعله يريد التنفيس عنها بأي طريقة، فتظهر منه التصرفات غير المقبولة، حتى لو كانت على وسائل التواصل الاجتماعي. وتابع: الوعي الرياضي مطلوب من جميع المشجعين؛ لأن الرياضة مبنية على قاعدة " فن وذوق وأخلاق" وأي خروج عن النص، فإن ذلك يجسد ضعف الوعي وعدم التحلي بالأخلاق، وضعف الثقافة والتقيد بالآداب الاجتماعية. ونصح البروفيسور خوجة جميع الجماهير الرياضية بتجنب التراشق الرياضي، واستغلال المنصات في الطرح المفيد والنقد الهادف بعيداً عن أمور لا تخدم الرسالة الرياضية، مع الإيمان بأن كرة القدم فوز وخسارة وتعادل؛ فالأولى الفرحة عند الفوز وتقبل الهزيمة بروح رياضية عند الخسارة. وفي السياق، يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: أستغرب تمامًا من بعض المشجعين الدخول في مهاترات، ليس لها داع وبعيدة عن الطرح الهادف، وللأسف ما ساعد على استشراء ظاهرة التراشق الرياضي، وجود منصات عديدة في التواصل الاجتماعي؛ إذ استغل البعض هذا الجانب وأنشأ لنفسه عدة حسابات، قد تكون بأسماء وهمية أيضاً، فيبدأ في طرح وغرس أفكاره وتوجهاته التي تكون خارجة عن النقد الهادف والكلام المعقول. وقال الناشري: إن البعض من الجماهير- للأسف- يتسمون بالتعصب الرياضي، وهي ظاهرة تنم عن تطرف في الآراء لصالح النادي الذي يشجعونه، وعادة ما يكون ذلك مصحوبًا بالإساءة والاستهزاء والسخرية والاتهامات والتجريح غير المبرر، وهذه الظاهرة عرفت منذ اشتهار رياضة كرة القدم، وتتسم بالانحياز الشديد والشغف الزائد للفريق، أو اللاعب دون النظر العادل أو الاعتدال، ويتجلى التعصب الرياضي في التفاعلات العاطفية المفرطة مع الرياضة، وقد يصاحبه سلوك غير منطقي أو عدائي تجاه الفرق أو الأشخاص الآخرين، الذين يدعمون فرقًا مختلفة. وتابع: يجب أن يدرك المشجع المتعصب أن التعصب الزائد يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات سلبية والانفصال عن القيم الأخلاقية والروح الرياضية الصحيحة؛ لذا يجب أن يكون التشجيع مرتبطًا بالروح الرياضية الصحية والاحترام لجميع الفرق والأفراد دون تفضيلات غير مبررة أو سلوكيات عدائية. ونصح الناشري بتفريغ شحنات التعصب في شيء آخر إيجابي بعيدًا عن الجماهير، والتشجيع بحب واستمتاع وضبط النفس، والابتعاد عن التنمر على الآخرين في حال الفوز، وعدم إثارة المشاكل، وإلى ضبط النفس والهدوء ، فالتعصب الرياضي يولد الاحتقان، ويثير الكراهية، كما حذر الناشري محبي الكرة من القلق النفسي أثناء المتابعة وسرعة الغضب والانفعال السريع، والحرص على التشجيع باعتدال وهدوء. ويتفق استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا مع الآراء السابقة ويقول: من أسباب التعصب الرياضي، قلة الوعي الرياضي، وعدم الإلمام الكافي بالمعاني الحقيقية للتنافس الرياضي الشريف، وكذلك حب الذات (الأنانية) التي لا تقبل النقد أو الاستماع لوجهات نظر الآخرين، والأهم من ذلك التأثر السريع بالإعلام غير الهادف؛ من خلال منصات التواصل الاجتماعي والأفراد الذين يؤججون الشارع الرياضي ويغالطون الحقائق. وأضاف: هناك مجموعة من الخصائص العامة التي تميز المصابين بداء التعصب الرياضي؛ منها: الانفعالية الزائدة، والانغلاق الفكري، والعدوان الشديد، والاستئثار بالحديث، واللجوء إلى الصوت المرتفع، والرغبة في السيطرة على الحديث، والحساسية المفرطة، وتشوش الأفكار، وأيضاً عدم الاقتناع بالهزيمة، ومحاولة تبريرها بإرجاعها إلى الحظ، وليس إلى كفاءة المنافس. واختتم د.براشا حديثه بقوله: يجب أن يدرك المشجع أن مشاهدة كرة القدم متعة، يجب أن لا تخرج عن الروح الرياضية العالية، مع الإيمان بأن كرة القدم فوز وخسارة، وأن الفوز والخسارة مرتبطان بأداء الفريق واللياقة البدنية وخطة المدرب.