عبارة قرأتها ولا أدري أين: (إذا أردت أن ينصت الناس لك ، أرو حكاية). عندما وقع نظري على كتاب"القصة الأخرى" للكاتبة فاطمة بنوي ،بادرت إلى اقتنائه حين زرت معرض الكتاب في الشارقة. لا أقصد من هذا الترّويج أو الإعلان كما يفعل بعض المشاهير وما أكثرهم ! ولكن معرفتي أن الكاتبة تملك سيرة ذاتية أطول منها : فهي الممثلة السعودية و حاملة الماجستير من هارفارد والتي اختارتها مجلة التايم الامريكية ضمن قائمة " قادة الجيل الجديد" وقد شاهدت "من أفلامها "بركة يقابل بركة " ولها اليوم أكثر من عشرة أفلام شاركت بكتابة معظم سيناريوهاتها. الكتاب (القصة الأخرى) صدر في 529 صفحة منها الصور ومنها النصّ المطبوع ومنها المكتوب باليد بالعربي ومنها المخطوط بالإنجليزية فقد كتب أيضا بطريقة أخرى تعكس شخصية أخرى. الكتاب من سبعة فصول وكل فصل في قسمين يحتوي الكتاب على 133 قصة باللغة الإنجليزية و 132 باللغة العربية بعضها كتب باليد وبعضها ترجمات من الإنجليزية إلى العربية. لفت نظري عبارة :" أؤمن أن بعض النهايات هي بدايات في زي تنكري " . و تقول الكاتبة في موضع آخر: "إني لم أتمكن من شكر والدتي "ريم بخيت" بما فيه الكفاية كونها أفضل من رافقني خلال رحلة مراجعة ما كتبت حتى أوقات متأخرة من الليل." كقارئ ، وجدت في هذا الكتاب إختلافاً عمّا توقعت ، حيث ظننت أول الأمر ، إني سأحمل خربشات شابة مليئة بالصور الشخصية والرسومات لذكريات يتشابه سردها مع ما يقوله الكثير، ولكن وبعد تصفُّح أول فصول الكتاب وأقسامه ،وجدت حواراً حميماً وتناغماً حقيقياً يدعونا إلى اكتشاف الإنسانية التي نشترك فيها كبشر . تناول الكتاب أيضا مشروع السرد القصصي على حساب theotherstoryproject@ والذي ظهر آخر سبتمبر 2015م. وهذه منصّة لدعم فن السرد القصصي في مدينة جدة ، حيث كانت فاطمة بنوي حريصة على تشجيع المشاركة من كل من تعرف أو تقابل في البيت أو الشارع أو المقهى وفي كل مكان حتى وقفتها عند بسطة البليلة أو بائعي الشاي على الحطب في الكورنيش ناهيك عن المكالمات والرسائل الإلكترونية. تقول فاطمة بنوي: كنت أطلب من راوي القصة أن يكتب بأي لغة يشعربالارتياح فيها:(بس اكتب 00 كنت أؤكد عليهم 00 شارك قصتك بأي لغة ترتاح فيها). وجدت قصتين :واحدة بالفرنسية والأخرى بالتغالوغ (الفلبينية). أدركت هنا ،أن قصص مدينة جدة هي قصص عالمية. جمع الكتاب نماذج كثرة لقصاصات ونصوص مطبوعة ومخطوطة باليد فيه مشاركات رائعة لأشخاص مختلفين في العمر والثقافة والجنسية، منهم البنات والأولاد والسيدات والرجال ،جمعت بين الطرافة والغرابة والتجربة و تخللها الفرح والأمل والأسى ،وجمع بينها الحب للناس والمكان. وكما هو الحال ،فالنهايات هي بدايات في زي تنكري ومع ذلك تأتي دعوة الكاتبة في تساؤل : هل أنت على استعداد لبدء رحلتك الخاصة مع السرد القصصي ؟ وتضيف : لو كنت ممّن اجتاز شوطاً في هذه الرحلة ،فاعتبرها دعوة شخصية مني لبدء مسيرتك الخاصة مع القصة الأخرى.