على الرغم من مهادنته وخفضه للهجته التصعيدية، وحديثه عن إمكانية صياغة علاقات بلاده مع جميع الدول بدءا من أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي، رفضت قبرص مساعي الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع تركيا حول تعميق العلاقات التجارية، بما يشمل توسيع نطاق الاتحاد الجمركي، وذلك قبل مناقشة القضية اليوم وغدا خلال القمة الأوروبية، بينما وصفت نيقوسيا الأمر بأنه غير مقبول على الإطلاق. ويأتي الرفض القبرصي رغم التأكيد الأوروبي على أنه سيكون هناك عقوبات اقتصادية إذا تحركت أنقرة ضد مصالح الكتلة، إذ تستخدم أوروبا سياسة "العصا والجزرة" – عبر العقوبات والتلويح بالتقارب الاقتصادي – لوقف عدوانية تركيا في العراق وسوريا وليبيا وكاراباخ وشرق المتوسط، وانتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان في الداخل. وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه من إمكانية أن تسعى تركيا للتأثير على الانتخابات الفرنسية المقبلة، مؤكدا خلال مقابلة مع "شبكة فرانس 5″، أن "التهديدات والمخاطر موجودة، لذا أعتقد أننا يجب أن نكون واضحين للغاية في تلك المسألة"، منوهًا إلى أن "تركيا ستتلاعب بالرأي العام"، في إشارة على الأرجح إلى إمكانية تأثيرها عبر سيطرتها على أجزاء من الشتات التركي من خلال المدارس والمساجد وغيرها من المنظمات، التي تمولها في فرنسا. ولم تجد محاولة تركيا مؤخرا للتقارب مع أوروبا لا سيما فرنسا، بعد أن شهدت العلاقات بين الرئيسين ماكرون وأردوغان توترا غير مسبوق أواخر العام الماضي، قبل أن تهدأ نسبيا مطلع الشهر الجاري، إلا أن الرئيس الفرنسي لا يزال متوجسًا من سياسة أنقرة. وألمح ماكرون إلى ورقة ابتزاز قد تستخدمها تركيا، التي تبتز أوروبا بملف اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. وقال "إذا قلت بين عشية وضحاها لا يمكننا العمل معكم بعد الآن، ولا مزيد من المناقشات، سيفتحون الأبواب ل3 ملايين لاجئ سوري إلى أوروبا". ولطالما هدد أردوغان صراحة بفتح الأبواب للمهاجرين باتجاه أوروبا، بعد أن تصاعد الخلاف بين الطرفين، لابتزاز أوروبا ماليًا بمزاعم مساعدة اللاجئين، ما دفع ألمانيا عندها إلى التدخل والتأكيد أن المساعدات دفعت، وستستكمل. إلى ذلك، طالبت نائبة رئيس البرلمان الألماني المنتمية لحزب الخضر، كلاوديا روت، الاتحاد الأوروبي قبل قمته بممارسة ضغوط على تركيا، مبينة أن الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي مطالبان في النهاية باستخدام كافة الوسائل المتاحة للحث على الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا، مضيفة أن نقطة ضعف أردوغان هي الاقتصاد، موضحة أن الاتحاد الأوروبي مُطالب لذلك ب"صياغة عقوبات صارمة علانية" والدفاع عن القيم الديمقراطية، كما دعا حزب الخضر في البوندستاج إلى إنهاء اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي تهدف إلى الحد من الهجرة عبر تركيا إلى اليونان. وترغب أنقرة في تجنب العقوبات الأوروبية المحتملة، لذلك بادرت منذ أشهر بالتلاعب وزعم التهدئة حيال الشركاء الأوربيين، الذين كرروا مرارًا أنهم ينتظرون من أنقرة أفعالًا وليس أقوالا، وهو ما فشلت الأخيرة في تقديمه حتى الآن.